للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَالِهِ بِنْتُ مَخَاض مَعِيبَةٌ فَهِيِ كَالْمَعْدُومَةِ، وَلَوْ كَانَتْ كَرِيمَةً لَزِمَهُ عَلَى الأَقْيَسِ شِرَاءُ بِنْتِ مَخَاضٍ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي مَالِهِ وَإِنَّمَا تُتْرَكُ نَظَراً لَهُ، وَتُؤخَذُ الخُنْثَى مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ بَدَلاً عَنْ بِنْتِ مَخَاض عِنْدَ فَقْدِهَا، وَيُؤْخَذُ الحِقُّ بَدَلاً عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ عِنْدَ فَقْدِهَا كمَا يُؤْخَذُ ابْنُ لَبُونٍ بَدَلاً عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ.

قال الرافعي: إذا ملك خمساً وعشرين من الإبل وجبت عليه بنت مخاض فإن وجدها لم يعدل إلى ابن اللَّبون، وإن لم يجدها وكان عنده ابن لَبُون جاز أخذه منه سواء قدر على تحصيل بنت المَخَاض أم لا، وسواء كانت قيمته أقل من قيمة بنت المخاضَ، أو لم يكن لما رويناه في الخبر ولا جبْرَان، بل فضل السن يجبر فضل الأنوثة ثم فيه مسائل:

إحداها: لو لم يكن في ماله بنت المَخَاض، ولا ابن اللَّبون ففيه وجهان (١):

أظهرهما: وهو المذكور في الكتاب أنه يشتري ما شاء منها ويخرجه أما بنت المَخَاض فلأنها الأصل، وأما ابن اللَّبون فلأن شرط إجزائه موجود وإذا اشتراه كان في ماله ابن لبون وهو فاقد لبنت المخاض.

والثاني: وبه قال مالك وأحمد وصاحب "التقريب" يتعيّن عليه شراء بنت المخاض؛ لأنهما لو استويا في الوجود لم يخرج ابن اللَّبون، فكذلك إذا استويا في الفقد، وقدر على تحصيلهما.

الثانية: لو كانت عنده بنت مَخَاض معيبة فهي كالمعدومة؛ لأنها غير مجزئة، ولو كانت كريمة وإبله مهازيل فلا يكلّف إخراجها. لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِيَاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ" (٢) فإن تطوّع بها فقد أحسن وإن أراد إخراج ابن لبون ففيه وجهان:

أظهرهما: عند صاحب الكتاب وشيخه: أنه لا يجوز؛ لأن شرط العدُول إلى ابن اللَّبون أن لا يكون في ماله بنت مَخَاض، وهي موجودة هاهنا بصفة الإجزاء، إلاَّ أنها تَركت نظراً له ورعاية لجانبه، وهذا ما أجاب به الشيخ أبو حامد (٣)، وأكثر شيعته ورجحه الأكثرون.


(١) محل الوجهين إذا لم يرد الصعود إلى فرض أعلى منه، ويأخذ الجبران. فإن أراد ذلك جاز. كذا نقله ابن الرفعة في "الكفاية".
(٢) أخرجه البخاري (١٣٩٥، ١٤٥٨، ١٤٩٦، ٢٤٤٨، ٤٣٤٧، ٧٣٧١، ٧٣٧٢)، ومسلم (٩).
(٣) قال في "المهمات": هذا الذي نقله على الشيخ أبي حامد هو الذي كان تركه أولاً، ولكنه قد رجع عنه، وجواز إخراج ابن اللبون كذا، ذكره تلميذه سليم الرازي في تعليقه قبل باب زكاة الفطر، والمسألة تحتمله، وينبغي أن يكون المذهب ما نص عليه صاحبه وهو الإجزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>