وكثرة الجبران مع الاستغناء عنه. ويجري الوجهان فيما إذا لم يجد إلا أربع بنات لبون وحقة، فأعطى الحقَّة مع ثلاث بنات لبون وثلاث جبرانات ونظائره.
قال صاحب "التهذيب" ويجوز في الصورة الأولى أن يعطي الحقاق مع الجذعة ويأخذ جبراناً، وأن يعطي بنات اللبون وبنت مخاض مع جبران.
ومن أحوال المسألة: أن يوجد بعض أحد الصنفين، ولا يوجد من الآخر شَيْء، كَمَا إذا لم يجد إلا حِقَّتَيْن فله أن يجعلها أصلاً، ويخرجها مع جذعتين ويأخذ جبرانَيْن، وله أن يجعل بنات اللَّبون أصلاً فيخرج بدلها خمس بنات مَخَاض مع خمس جبرانات، ولو لم يجد إلا ثلاث بنات لبون فله أن يخرجها مع بنتي مخاض وجبرانين وله أن يجعل الحقاق أصلاً فيخرج أربع جذاع بدلها ويأخذ أربع جبرانات.
هكذا ذكر الصورتين في "التهذيب" ولم يحك خلافاً أصلاً، وقياس الوجهين المذكورين في الحالة السّابقة على هذه يقتضي طرد الخلاف في جعل بنات اللَّبون أصلاً في الصورة الأولى، وجعل الحقاق أصلاً في الصورة الثانية لبقاء بعض الفروض عنده وكثرة الجبران، فإن كان هذا جواباً على الظاهر، فالظاهر ثم أيضاً الجواز.
واعلم: أنه إذا بلغت البقر مائة وعشرين كان حكمها حكم بلوغ الإبل مائتين، فإنها ثلاث أربعينات وأربع ثلاثينات، والواجب فيها ثلاث مسنّات، أو أربع أَتْبِعة، ويعود فيها الخلاف والتَّفاريع التي ذكرناها، ولهذا قلنا: إن السلام في النظر الثالث لا يختص بزكاة الإبل، وأعود بعد هذا إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب ونظمه.
أما قوله:"إذا ملك مائتين من الإبل، فإن كان في ماله أحد السّنين" ففيه شيء مدرج تقديره إذا ملك مائتين من الإبل فعليه أربع حقاق أو خمس بنات لبون، فإن كان في ماله هذا، أو ما أشبهه.
وقوله:"وجب إخراج الأغبط للمساكين"، لفظ المساكين في هذا الموضع وأمثاله لا يعني به الَّذين هم أحد الأَصناف الثَّانية خاصة، بل أهل السَّهمان كلعهم لكن المساكين والفقراء أشهر الأصناف فيسبق اللِّسان إلى ذكرهم. وقوله:"وقيل: الخيرة إليه" هو الوجه المنسوب إلى ابن سريج. وقوله:"وقيل: تتعين الحقاق" هو القول المنقول عن القديم، لكن إيراده في الموضع المذكور في الكتاب يقتضي اختصاصه بما إذا وجد الصّنفان جميعاً في ماله، وهكذا زعم القَاضِي ابن كج، لكن الشيخ أبو حامد وعامة من نقل ذلك القول أثبته عند بلوغ الإبل مائتين على الإطلاق وتفريعه ما قدمناه.
وقوله: فيما إذا أخذ غير الأغبط قصداً "لم يقع الموقع" معلم بالواو؛ لأنه لم يَحْكِ الخلاف إلا فيما أخذه بالاجتهاد، وقد حكينا وجهاً أنه يقع الموقع وإن أخذه من