للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأراد الصعود وطلب الجبران، مثل أن يجب بنت مَخَاض معيبة فارتقى إلى بنت لَبُون معيبة وطلب الجبْرَان فيبنى ذلك على الوجهين، إن قلنا: الخيار إلى الساعي، فلو رأى الساعي الغبطة فيه جاز، وإن فَرَّعنا على الصَّحيح وهو تفويض الخِيَار إلى المالك فيستنثى هذه الحَالَة ولا يفوض الخيار إليه (١)، وعلَّله جماعة منهم صاحب الكتاب بأن الجبران المأخوذ قد يزيد على المعيب المدفوع، ومقصود الزكاة إفادة المساكين لا الاستفادة منهم، وأحسن منه ما أشار إليه العراقيون فقالوا: لو صرف إليه الجبران إما أن يصرف إليه الجبران المشروع بين الصَّحيحين أو غيره.

والأول: ممتنع؛ لأن قدر التَّفَاوت بين الصَّحِيحَيْن فوق قدر التَّفَاوت بين المريضين كما يدفع إليه، لا على التَّفَاوت كيف يدفع لأدناهما؟

والثاني: يمتنع؛ لأنه لا نظر إلى القيمة في الزَّكوات عندنا، ولم يرد نص فنتبعه، ولو أراد أن ينزل من السِّن المريضة أو المعيبة إلى سن ناقصة دونها، ويبذل الجبران فهذا لا منع منه؛ لأنه تبرع بزيادة؛ لأن ما يعطيه من الجبران هو الجبران المشروع بين الصيحيحين.

قال الغزالي: وَلَوْ أَخْرَجَ بَدَلَ الجَذَعَةِ ثَنِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ جُبْرَانٌ عَلَى أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ جَاوَزَ أَسْنَانَ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدُوا فِي مَالِهِ إِلاَّ حِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ فَرَقَي إِلَى الجَذَعَةِ لَمْ يَجُزْ عَلَى أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ لِأنَّهُ كَثَّرَ الجُبْرَانَ مَعَ الاسْتِغْنَاء عَنْهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ جُبْرَانٍ وَاحِدٍ شَاةً وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ جُبْرَانَيْنِ شَاتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا جَازَ.

قال الرافعي: في الفصل مسائل:

إحداها: لو وجب عليه جَذَعَة فأخرج مكانها ثَنية، ولم يطلب جبراناً جاز، وقد زاد خيراً ولو طلب الجبران فوجهان:

إحداهما: يجوز (٢) لزيادتها في السّن كما في سائر المراتب، وإلى هذا يميل كلام العراقيين وهو ظاهر النص.


(١) تستثنى صورة أخرى نص عليها الشافعي في "الأم"، وهي ما لو كان الساعي على صدقة إبل فقط لا جبران فيها لكرمها أو عيب فيها، ولم يجد السن في المال، ووجد أسفل منه، والتي هي أعلى، وكان أداء أخذ الساعي الأسفل مع الجبران كان الجبران خيراً يعني منها. فهاهنا لا يفوض الخيار إلى رب المال يعني أنه إن شاء صعد وأخذ الجبران، وإن شاء نزل وأعطى بل يخير بين أن يعطي الأعلى متطوعاً بلا جبران يأخذه، أو يعطي الأسفل مع الجبران، فتقرر في هذه الصورة أن المالك لا يخير بين الصعود وطلب الجبران، وبين النزول وأخذه.
(٢) رجح الرافعي في "الشرح الصغير" المنع فقال: إنه أظهر الوجهين.
وفي "المحرر" أنه أحسن الوجهين، وصحح النووي في كتبه كلها بالجواز، ونقله في الروضة من =

<<  <  ج: ص:  >  >>