للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما إذا وجب شاتان في مائتي شاة، وليس فيها إِلاَّ صحيحة فوجهان:

أحدهما: ويحكى عن الشيخ أبي محمد: أنه يجب عليه صحيحتان ولا يجزئه صحيحة ومريضة؛ لأن المخرجتين كما يزكيان ماله يزكّي كل واحد منهما الأخرى، فيلزم أن تزكّى المريضة الصحيحة وهو ممتنع.

وأصحهما ولم يذكر العراقيون والصَّيْدلاَنيّ غيره: أنه يجزئه صحيحه ومريضه؛ لأن امتناع إخراج المراض يقدر بقدر وجود الصّحاح، أَلاَ ترى أن ماشيته لو كانت مراضاً بأسرها جاز له إخراج محض المراد؟ فالمطلوب أن لا يخرج مريضه ويستبقي صحيحه كي لا يكون مُتيّمماً بخبيث ماله لينفق منه، وإذا أخرج صحيحه من المال المنقسم إلى الصِّحاح والمراض فلا يجب أن تكون من صحاح ماله ولا مما يساويها في القيمة، ولكن يؤخذ صحيحة لائقة بماله.

مثاله: أربعون شاة نصفها صحاح وقيمة كل صحيحة ديناران، وقيمة كل مريضة دينار يخرج صحيحة بقيمة نصف صحيحة ونصف مريضة وذلك دينار ونصف، ولو كان الصِّحاح منها ثلاثين والقيمة ما ذكرناه أخرج صحيحة بقيمة ثلاثة أرباع صحيحة وربع مريضة وهو دينار ونصف وربع، ولو لم يكن فيها إلاَّ صحيحة أخرج صحيحة بقيمة تسعة وثلاثين جزءاً من أربعين من مريضة وجزء من أربعين من صحيحه وذلك دينار وربع عشر دينار، وجميع ذلك ربع عشر المال على ما قال في الكتاب: تقرب قيمتها من ربع عشر ماله إذا كان ماله أربعين شاة، واعرف في هذا اللَّفظ شيئين:

أحدهما: أن قوله: "تقرب قيمتها" يشعر بأن الأمر في ذلك على التقريب، وهذا لم أره في كلام غيره ولا ينبغي أن يسامح بالنُّقصان والبخس.

والثاني: الذي ذكرناه من طريق التَّقسيط هو ما أورده أكثر الأصحاب وهو يتضمن النظر إلى آحاد الماشية، ولا يستمر إلا فيما إذا استوت قيم الصحاح وقيم المراض وقد تكون مختلفة القيمة، ولفظ الكتاب يغني عن النّظر إلى الآحاد، ورأيت القاضي ابن كَجّ رواه عن أبي إسحاق فمتى قُوّم جملة النصاب وكانت الصحيحة المخرجة ربع عشر القيمة كفى ثم لا يخفى أن هذا في الشَّاة مع الأربعين، فإن ملك مائة وإحدى وعشرين شاة فينبغي أن يكون قيمة الشاتين قدر جزء من مائة وإحدى وعشرين من قيمة الجملة، وإن ملك خمساً وعشرين من الإبل فينبغي أن تكون النَّاقة المأخوذة بالقيمة جزءاً من خمسة وعشرين جزءاً من قيمة الكل، وقِسْ على هذا سائر النّصب وواجباتها.

ومن الأمثلة في الباب: لو ملك ثلاثين من الإبل نصفها صحاح ونصفها مراض، وقيمة كل صحيحة أربعة دنانير وقيمة كل مريضة ديناران يجب عليه صحيحه بقيمة نصف صحيحة ونصف مريضة وهو ثلاثة دنانير، أورده صاحب "التهذيب" وغيره، ولك

<<  <  ج: ص:  >  >>