قال الرافعي: غرض الفصل يتَّضح بتفصيل أَجْنَاس النّعم، أما الإبل فإن تمحضت إناثاَ أو انقسمت إلى إناث وذكرر فلا يجوز فيها إخراج الذكر إلاَّ في خمس وعشرين، فإنه يجزئ فيها ابن لَبُون عند عدم بنت المَخَاض (١) وإن كانت كلها إناثاً، وذلك في المستثنى والمستثنى منه مأخوذ من النّص على ما تقدم وإن تمحّضت ذكوراً، فهل يجوز أخذ الذكر؟ فيه وجهان:
أحدهما: وبه قال ابن سلمة وأبو إسحاق: لا، ويروى هذا عن نص مالك؛ لأن النّص ورد بالإناث من بنت المَخَاض وبنت اللبون وغيرهما فلا عدول عنها، وعلى هذا فلا يؤخذ منها أنثى كانت تؤخذ لو تمحضت إبله إناثًا بل تقوم ماشيته لو كانت إناثاً وتقوم الأنثى المأخوذة منها ويعرف نسبتها من الجملة ثم تقوم ماشيته الذكور، ويؤخذ منها أنثى قيمتها ما تقتضيه النسبة، وكذلك الأنثى المأخوذة من الإناث، والذكور تكون دون الأنثى المأخوذة من محض الإناث، فطريق التّقسيط ما ذكرناه في المِراض.
وأظهرهما: وبه قال ابن خَيْران، ويروى عن نصه في "الأم": أنه يجوز أخذ الذكور منها كما يجوز أخذ المريضة من المراض، والمعنى فيه أن في تكليفه الشّراء حرجاً وتشديداً وأمر الزكاة مبني على الرفق، ولهذا شرع الجِبْرَان، ومنهم من فَصَّل فقال: إن أدَّى أخذ الذكور إلى التَّسوية بين نِصَابَيْن لم يؤخذ، وإلاَّ فيؤخذ بيانه: يؤخذ ابْن مَخَاض من خمس وعشرين وحق من ست وأربعين وجذع من إحدى وستين، وكذا يؤخذ الذكر إذا زادت الإبل واختلف الفرض بزيادة العدد، ولا يؤخذ ابن لبون من ست وثلاثين؛ لأن ابن اللبون مأخوذ من خمس وعشرين عند فقد بنت الخاض، فيلزم التّسوية بينهما. ومن قال بالوجه الثاني قال: لا تسوية، لا في كيفية الأخذ ولا في المأخوذ. أما في كيفية الأخذ فلأن أخذ ابن اللَّبون من ست وثلاثين مشروط بعدم بنت اللَّبون لا بعدم بنت المخاض، وأخذه من خمس وعشرين مشروط بعدم بنت المَخَاض لا بعدم بنت اللبون. وأما في المأخوذ: فلأن عندي يؤخذ من ست وثلاثين ابن لَبُون
(١) قال في الخادم: هذا الاستثناء قاصر، بل الذكر يؤخذ عن مواضع: أحدها ابن اللبون عند فقد بنت المخاض. ثانيها: الحق عند فقد ابن اللبون. ثالثها: إذا تمخضت الشياة ذكوراً. رابعها: الشاة المأخوذة عن دون خمس وعشرين. خامسها: في الجبران يجوز أخذ الذكر. سادسها: إذا كان الفرض تبيعاً إلى آخر ما ذكره.