للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: نوع الجنس الذي يملكه من الماشية إن اتحدَّ أخذ الفرض منها، كما إذا كانت إبله أَرْحبِيَّةً (١) كلها أخذ الفرض منها، وإن كانت مُهَرِيَّةً (٢) أخذ الفرض منها وإن كانت غنمه ضأناً أخذ الضأن، وإن كانت مَعِزاً أخذ المعز، وذكر في "التهذيب" في ذلك وجهين في أنه هل يجوز أن يؤخذ ثنية من المعز باعتبار القيمة عن أربعين ضأناً، أو جذعة من الضأن عن أربعين معزاً؟:

أحدهما: لا، كما لا يجوز البقر من الغنم.

وأصحهما: نعم، لاتفاق الجنس، كالمهرِيَّةِ مع الأرَحبِيَّةِ.

وحكى عن القاضي حسين: أنه يحتمل أن لا يؤخذ المعز من الضّأن ويؤخذ الضأن من المعز؛ لأن المعز دون الضَّأن كما تؤخذ المهرِيَّة عن المجِيدِيَّة (٣)، وكلام إمام الحرمين -رحمه الله- يقرب من هذا التفصيل، فإنه قال: الضأن أشرف من المعز، فلو ملك أربعين من الضّأن الوسط فأخرج ثَنِية من المَعِز الشريفة، وهي تساوي جذعة من الضّأن الذي يملكه فهذا محتمل والظاهر إجزاؤها، وإن اختلف نوع الجنس الذي يملكه من الماشية كالمُهَرِيَّة والأَرْحَبِيَّةِ من الإبل وَالعِرَاب والجَوَامِيس من البَقر والضَّأْن والمَعِزِ من الغَنَم فيضم البعض إلى البعض لاتِّحاد الجنسَ، وفي كيفية أخذ الزكاة منها قولان مشهوران:

أحدهما: أنها تؤخذ من الأغلب، لأن النظر إلى كل نوع مما يشق فيتبع الأقل والأكثر ولو استوى النوعان أو الأنواع في المقدار، فقد قال في "النهاية" تفريعاً على هذا القول: إنه عند الأئمة بمثابة ما لو اجتمع في المائتين من الإبل الحِقَاق وبنات اللَّبون، فظاهر المذهب أن السّاعي يأخذ الأَغْبَطَ للمساكين، وهو المشهور، والمذكور في الكتاب، ومن قال: ثم الخيرة إلى المالك، فكذلك يقول هاهنا، فيجوز أن يرقم لهذا قوله: "وعند التساوي يراعي الأغبط" بالواو.

والقول الثاني: وهو الأظهر: أنه يؤخذ من كل نوع بالقسط رعاية للجانبين، وليس معناه أن يُؤْخَذ شِقْص من هذا، وشِقْص من ذاك (٤) فإنه لا يجزئ بالاتِّفاق، ولكن


(١) الأرحبية نوع من الإبل بالحاء المهملة والباء الموحدة منسوبة إلى أرحب قبيلة من همدان.
(٢) والمهرية بفتح الميم منسوبة إلى مهرة ابن حيدار.
(٣) والمجيدية بضم الميم وجيم بعدها ياء بنقطتين من تحت ودال مهملة وهي إبل دون المهرية، وهي نسبة إلى فحل من الإبل يقال له مجيد.
(٤) قال في المهمات: وما ذكراه من الاتفاق على امتناع التشقيص في الزكاة غريب فقد حكى الخلاف جماعة كثيرة منهم الجرجاني في المعاياة فقال: لا يجرز إخراج نصفي شاتين عن شاة في الزكاة على أصح الوجهين ويجرز مثله في المهدي، والأضحية وكفارات الحج، وأما إخراج =

<<  <  ج: ص:  >  >>