للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قوله: "ففي كل واحد نصف شاة"، وقوله: "ففي الكل شاة واحدة" بالحاء وحده، ومذهب أحمد -رحمه الله- كمذهبنا والدليل عليه ما روي في حديث أنس وابن عمر -رضي الله عنهم- أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ" (١).

قال العلماء: هذا نهي للسَّاعي والملاك عن الجمع والتَّفريق اللَّذَين يقصد بهما السّاعي تكثير الصدقة والملاّك تقليلها، فجمع الساعي أن يكون لزيد عشرون من الغنم، ولعمرو عشرون وهي متفرقة متميزة، فأراد السّاعي الجمع بينهما ليأخذ منها شاة، وتفريقه أن يكون بينهما ثمانون مختلطة، فأراد أن يفرق ليأخذ شاتين.

(وأما) جمع الملاك مثل أن يكون لزيد أربعون من الغنم، ولعمرو أْربعون متفرقة فأراد الجمع لئلا يأخذ السَّاعي منها إلاَّ واحدة، وتفريقهم مثل أن يكون لهما أربعون مُخْتَلَطة فأراد التَّفريق لئلا يأخذ منهما شيئاً، ولولا أن الخلطة مؤثرة لما كان لهذا الجمع والتفريق معنى.

قال الغزالي: وَشَرْطُ الخُلْطَةِ اتِّحَادُ المَسْرَحِ وَالْمَرْعَى وَالمَرَاحِ وَالْمَشْرَعِ وَكَوْنِ الخَلِيطِ أَهْلاً لِلزَّكَاةِ لاَ كَالذِّمِّيِّ، وَالمُكَاتَبِ، وَفِي اشْتِرَاكِ الرَّاعِيِ وَالفَحْلِ وَالمَحْلَبِ وَوُجُودِ الاخْتِلاَطِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَجَرَيَانِ الاخْتِلاَطِ بِالقَصْدِ وَاتِّفَاقِ أَوَائِلِ الأحْوَالِ خِلاَفٌ.

قال الرافعي: نوعاً الخلْطَة يشتركان في اعتبار شروط وتختص خلْطَة المُجَاورة بشروط زائدة، فمن الشروط المشتركة: أن يكون المجموع نصاباً، وفي لفظ الكتاب ما يدل على اعتباره حيث قال: إلا إذا تم بخَلْطه نصاباً فلو ملك زيد عشرون شاة، وعمرو مثلها، فخلطا تسع عشرة بتسع عشرة وتركا شاتين منفردتين فلا أثر لخلطتهما ولا زكاة أصلاً. ومنها: أن يكون المختلطان من أهل وجوب الزَّكاة فلو كان أحدهما ذمِّياً أو مكاتباً فلا أثر للخلطة بل إن كان نصيب الحُرِّ المسلم نصاباً زكى زكاة الانفراد، وإلاَّ فلا شيء عليه وذلك من ليس أهلاً لوجوب الزكاة عليه لا يجوز أن يصير ماله سبباً لتغير زكاة المسلم. ومنها: دوام الخلْطَة في جميع السّنة على ما سيأتي شرحه. وأما الشروط التي تختص خلطة الجوار باعتبارها.

فمنها: اتِّحاد المَرْعى والمَسْرح والمَرَاح والمَشْرَع (٢)، وهذا لفظ الكتاب والمراد


(١) تقدم.
(٢) قال في الخادم: أهمل من الشروط اتحاد الجنس، فلو ملك أربعين شاة وثلاثين بقرة مشاعاً، أو كل جنس لواحد بلا خلط، ففي الأولى تجب شاة وتبيع كالمنفرد في الثانية. يلزم صاحب البقر تبيع وصاحب الغنم شاة، ولو ملك ذا عشرين شاة وذا عشرين بقرة، وخلطا بشروط =

<<  <  ج: ص:  >  >>