فإذا قلنا بالجديد فوجود الخلطة في جميع السنة شرط في ثبوت حكم الخلطة، فلذلك أدرج حجة الإسلام -قدس الله روحه- هذه المسألة في جملة الشرائط التي حكي الخلاف فيها على ما سبق، وإن اختلف حولاهما كما لو ملك هذا غرة المحرم وهذا غرة صفر وخلطا غرة شهر ربيع الأول، فينبغي على القولين عند اتفاق الحول، فعلى الجديد: إذا جاء المحرم فعلى الأول شاة، وإذا جاء صفر فعلى الثاني شاة، وعلى القديم: إذا جاء المحرم فعلى الأول نصف شاة، وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة ثم في سائر الأحوال يتفق القولان على ثبوت حكم الخلطة فيكون على الأول عند غرة كل محرم نصف شاة، وعلى الثاني عند غرة كل صفر نصف شاة، وذهب بعض الأصحاب إلى أن حكم الخلطة لا يثبت في سائر الأحوال أيضاً، ويزكيان أبداً زكاة الانْفِراد واتَّفق حملة المذهب على ضعف هذا الوجه.
وقالوا: بأن الخلطة في سائر الأحوال حاصلة في جميع الحول فيثبت حكمها كما لو اتفق الحول ولا شك في بعد هذا الوجه لو سلم صاحبه ثبوت القول القديم في الحول الأول وامتنع من طرده في سائر الأحوال، لكنه لو طرد القولين في سائر الأحوال وكان ما ذكرَ من عدم ثبوت الخلطة تفريعاً على الجديد لم يكن بعيداً، ويجوز أن يوجه بأن حول الثاني غير تام عند تمام الحول الأول، وحكم الانفراد مستمر عليه فيلزم انعقاد الحول الثاني للأول على حكم الانفراد، وإذا انعقد الحول على الانفراد يستمر حكمه كما في الحول الأول ثم إذا تم حول الثاني فلصاحبه حكم الانفراد فينعقد حوله الثاني على الانفراد أيضاً، وهكذا أبداً وسواء قوي هذا أو ضعف، فمن صار إليه جعل اتفاق أوائل الأحوال من شرائط ثبوت الخلطة، ولذلك أدرج حجة الإسلام هذه المسألة في الشرائط المختلف فيها، ونسب المعظم هذا الوجه إلى تخريج ابن سريج، وعلى ذلك جرى في الكتاب فقال: وخرج ابن سريج أن الخلطة لا تثبت أبداً، ولم يصحح ذلك على ابن سريج المحاملي، وذكر أن أبا إسحاق حكى في الشرع عن ابن سريج مثل هذا المذهب، وأضاف الوجه المذكور إلى غيره من الأصحاب فإن كان المراد أنه غير ثابت عنه فيجوز أن يعلم قوله:"وخرج ابن سريج" بالواو، ويجوز أن يقال:"خرجه ولم يذهب إليه" جمعاً بين الروايتين، ويجوز إعلام قوله:"لا تثبت أبداً" بالميم والألف؛ لأن عندهما تثبت الخلطة في سائر الأحوال، وإنما يختلفان في الحول الأول اختلاف القديم والجديد ولا يخفى موضع رقمهما في الصورة الأولى.
= وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى، واختار صاح "البيان" في كتابه "مشكلات المذهب" أنه ثلاثة أيام. والمراد التقريب، وقد اتفقوا على أنه لا جريان للقديم إذا لم يبق من الحول إلا يومان أو يمان، ونحو ذلك. ينظر الروضة (٢/ ٣٤).