للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن يحدث قبل تمام الحول سواء أكثر الباقي من الحول أو قلّ، فأما إذا حدث بعد تمام الحول فينظر إن حدث بعد إمكان الأداء فلا تضم إلى الأمهات في الحول الأول لاستقرار واجبه ولكن يضم إليها في الحول الثاني، وإن كان قبل إمكان الأداء فطريقان:

أحدهما: وبه قال القاضي أبو حامد: أنه يبنى على القولين وسنذكرهما في أن الإمكان شرط الوجوب أو شرط الضمان، إن قلنا: شرط الوجوب فتضم إلى الأمهات كالنِّتاج قبل الحول، وإن قلنا: شرط الضَّمان فلا. واحتج للأول: بأن عمر -رضي الله عنه- قال: "اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بالسَّخْلَةِ يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي (١) عَلَى يَدَيْهِ". ومعلوم أنه لا يروح بها إلاَّ وقد ولدت في ذلكَ اليوم، ولا تعد المواشي إلا بعد الحول، وذكر في البيان أن من الأصحاب من يجعل المسألة على قولين غير مبنيين على شيء.

وأظهرهما: وهو المذكور في "الوسيط" أنه لا يضم أصلاً؛ لأن الحول الثاني ناجز، فالضم إليه أولى من الضَّمِّ إلى المتقضى.

والشرط الثَّاني: أنْ يحدث من نفس ماله أمَّا المُسْتَفَاد بالشِّراء أو الإرث أو الهبة فلا يضم إلى ما عنده في الحول، وبه قال أحمد خلافاً لأبي حنيفة ولمالك أيضاً فيما رواه القاضي ابن كج وغيره. لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ فِي مَالِ الْمُسْتَفِيدِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" (٢). وأيضاً فإنه مستفاد (٣) هو أصل بنفسه تجب الزكاة في عينه،


(١) تقدم.
(٢) أخرجه الترمذي (٦٣١، ٦٣٢)، الدارقطني (٢/ ٩٠) والبيهقي (٤/ ١٠٤) وقال الترمذي: عبد الرحمن ضعيف في الحديث، والموقوف على ابن عمر أصح.
(٣) والوجه عند مذهب الإمام الأعظم إن اشتراط الحول للمستفاد يؤدي إلى العسر، فوجب ألاَّ يشترط، قياساً على الأولاد والأرباح. وإنما قلنا ذلك -لأن أسباب المستفاد يكثر وجودها، فلو شرطنا الحول لكل مستفاد، يحتاج إلى اعتبار ابتداء الحول وانتهائه لكل مستفاد فيؤدي إلى العسر، والحول في باب الزكاة حيث شرط إنما شرط لدفع العسر والحرج، فإذا أدى إلى العسر والحرج وجب ألا يشترط كما قلنا في الأولاد والأرباح. فإن قيل: التعليل يشكل بالمستفاد بخلاف الجنس ثم يقول: أيْش تعني بأن اشتراط الحول في المستفاد يؤدي إلى العسر؟ - تعني به أصل المشقة أو تعني به نهاية المشقة الخارجة عن الوسع، إن عنيت به الأول، فهو المقصود من العبادات. وإن عنيت به الثاني فلا نسلم أنه ثابت هاهنا، وإن سلمنا أنه يؤدي إلى العسر. ولكن لم قلتم بأنه لا يشترط؟ وأما القياس على الأولاد والأرباح -قلنا: الفرق ظاهر، وهو أنا قلنا ثم بالضم لعلة التبعية، والتبع له حكم الأصل، أما هاهنا بخلافه. ثم هذا معارض بقوله -عليه السلام-: "لا زكاة في مال حق يحول عليه الحول" وبقوله -عليه السلام-: "من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حق يحول الحول". الجواب: أما المستفاد بخلاف الجنس- إنما لا يضم؛ لأن اشتراط الحول لا يؤدي إلى العسر، لأنه لا يكثر وجوده. أما =

<<  <  ج: ص:  >  >>