للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف (١) ثم أعود بعد هذا إلى ما يتعلق بألفاظ الكتاب. قوله: أو مجحوداً لا بينة عليه يتناول العَيْن يَجْحَدُها مَنْ أودع عنده والدَّين جميعاً، وإنما قال: لا بينة عليه، لأنه لو كان له بينة عاد له، فالحكم كما لو لم يكن جاحداً؛ لأنه يقدر على الإثبات والاستيفاء، ولو كان القاضي عالماً بالحال، وقلنا: إنه يقضي بعلمه فهو كما لو كانت له بينة.

وقوله: ففي جميع ذلك خلاف أراد بالخلاف الذي أبْهَمَه وجهين في الرُّهون على ما صرح به في "الوسيط"، وقولين في سائر المسائل جواباً على طريقة إثبات القولين فيهما، ألا تراه يقول بعد ذلك، وفي المغصوب قول ثالث؟ ولك أن تعلم قوله: "ففي جميع ذلك خلاف" بالواو إشارة إلى الطرق القاطعة بالنفي أو الإثبات.

وقوله: وفي المغصوب قول ثالث إشارة إلى طريق من خص القولين بما إذا عاد المال إليه بفوائده وإذا ضم ذلك إلى قول من طرد القولين خرجت ثلاثة أقوال كما ذكره، وربما أوهم قوله: "وفي المغصوب قول ثالث" تخصيص هذا القول بالمغصوب من بين سائر الصور، وليس كذلك بل هو جَار في الضَّال والمجحود أيضاً، وقوله: أيضاً قبل ذلك لِحُصُولِ الملك وامتناع التَّصرُّف إِشَارة إلى تَوْجِيهِ القَوْلَيْن فحصول الملك وجه الوجوب وامتناع التَّصَرُّف وجه المنع. وقوله: وإن لم تعد الفوائد فلا غير مجرى على ظاهره بل المعنى لا بأعيانها ولا بأبدالها على ما سبق بيانه. وقوله: والتَّعجيل قبل عود المال، وقوله بعده: "لم يجب التعجيل" ليس المراد من التعجيل هاهنا معناه المشهور في الزكاة وهو التقديم على الحول، وإنما المراد التقديم على أخذ المال وقد جرى ذلك في لفظ الشافعي -رضي الله عنه-. وقوله: والدَّين المؤجل أي: على الموسر المقرّ. وقوله: قيل: "إنه كالمغصوب" ليس للتسوية على الإطلاق، فإن القول الثالث في المغصوب لا يأتي هاهنا، وإنما الغرض منه التسوية في القولين الأولين وكذا قوله: "وقيل: كالغائب الَّذي يسهل إحضاره" ليس مجرياً على إطلاقه، لأن الغاصب الذي يسهل إحضاره يجب إخراج زكاته في الحال، وفي الدين لا يجب في أظهر الوجهين بل المراد التسوية في وجوب الزكاة قولاً واحداً، ثم يجوز إعلام كلاميهما بالواو وللوجه المعزى إلى ابن أبي هريرة.

قال الغزالي: السَّبَبُ الثَّانِي تَسَلُّطُ الغَيْرِ عَلَى مِلْكِهِ كالملْكِ فِي زَمَنِ الخِيَارِ، وَالمِلْكُ فِي اللُّقَطَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا لَمْ يَتَمَلَّكْهَا المُلْتَقِطُ هَلْ تَجِبُ الزَّكَاة فِيهَا؟ فيه خِلاَفٌ.

قال الرافعي: في الفصل مسألتان:


(١) وقال في "شرح المهذب": وما ذكره في العدة فكلام الأصحاب محمول عليه، واعلم أنما ذكراه في وجوب الإخراج في الحال قد ذكرا بعد ذلك في الكلام على تأخير الزكاة ما يخافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>