للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه صور فيما إذا كان من جنس ما عليه، فهل يختص القولان به أم لا؟ وإن لم يختص فما الحكم عند اختلاف الجنس؟

والجواب: أما الأول فلا فرق بين الدين الحال والمؤجل، هكذا أورد صاحب "التهذيب" وغيره.

وأما الثاني: فإن قلنا: الدين لا يمنع الزكاة عند اتحاد الجنس فعند الاختلاف أولى. وإن قلنا: يمنع فقد أشار إمام الحرمين إلى تردد عند اختلاف الجنس، وقال: الأصح المنع في هذه الصورة، والأشبه بسياق كلامه أنه أراد منع التأثير، لكن الأصح في "التهذيب" أنه يمنع الزَّكاة تفريعاً على هذا القول كما لو اتَّحد الجنس ويجوز أن يخرج هذا التَّردد على ما سبق من التَّعليلين إنْ علَّلنا بالضّعف، فهو موجود، وإن علّلنا بالتثنية فهاهنا لا تلزم التثنية في مال واحد. وقوله: "وجه المنع ضعف الملك" إلى أن قال: "وقد يعلل بأدائه إلى تثنية الزكاة". فيه إشارة إلى ترجيح العلّة الأولى حيث وجه المنع بها، ثم حكى العلّة الثانية حكاية، والأمر على ما أشار إليه نقلاً ومعنى.

أما النقل فلأن الأكثرين أجابوا في الصّور المفرعة على التّعليلين بما يقتضيه الأول، وأما المَعْنَى فمن وجهين:

أحدهما: أنّا لا نسلم لزوم التَّثنية في المال الواحد، وهذا لأن المستحقّ للمستقرض هذا المال، والمستحق للمقترض مطلق المال، لا هذا المال، فليس وجوب الزكاة عليه باعتبار هذا المال حتى تلزم التَّثنية.

والثَّاني: هَبْ أنه تلزم التثنية في المال الواحد لكن التثنية كما تندفع بأن لا تجب الزكاة على المديون تندفع بأن لا تجب على الدَّائنِ فلم يتعين الأول فإن رجح جانب المديون بضعفه ملكه عاد الكلام إلى العلة الأولى، وإن رجح بأن ماله مستغرق بحاجة مهمة وهي قضاء الدَّيْن وهذا كافٍ في التَّوْجيه ولا حاجة إلى توسُّط التثنية.

وقوله: "أو يكون الدَّين حيواناً" فيه استدراك لفظي من جهة أنه لم يذكر في أصل المَسْألَة عبارة تشمل الحَيَوان وغيره حتى يخرج على التَّعليلين ما إذا كان الدَّين حيواناً، وإنما تكلَّم في استقراض مائتي درهم، والمديون بالدراهم لا يكون دينه حيواناً إلاَّ أنه اعتمد فهم المعنى والمقصود.

وقوله: "وإنْ كان المستقرض غنيّاً بالعقار وغيره ولم يمتنع" معلم بالحاء والواو لما قدمنا، وأَشَار بلفظ العقار إلى أنه ملك مالاً غير زكويِّ ولك أن تَبْحَث عن قوله: وغيره، فتقول: المراد مطلق غير العقار أم غير العقار الذي ليس بزكوي؟ فإنْ كان الثَّاني فما الحكم لو كان عليه دين وله مالان زكويان؟ والجواب: أن المراد الغير الذي ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>