للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الإبِلِ السَّائِمَةِ بِنْتُ لَبُونٍ مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِراً بِهَا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبَّنَا، لَيْسَ لآلِ مُحَمَّدٍ فِيهَا شَيْءٍ" (١).

إذا عرفت ذلك فإن نوى الممتنع حالة الأخذ برئت ذمته ظاهراً وباطناً، ولا حاجة إلى نية الإمام، وإن لم يَنْوِ فهل تبرأ ذمته؟ نظر إن نوى الإمام سقط عنه الفرض ظاهراً ولا يطالب به ثانياً، وهل يسقط باطناً؟ فية وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه لم ينو، وهو متعبد بأن يتقرب بالزّكاة.

وأظهرهما: أنه يسقط إقامة لنية الإمام مقام نيته كما أن قسمه قام مقام قسمه، وكما أن نية الولي تقوم مقام نية الصبي، وإن لم يَنْوِ الإمام أيضاً لم يسقط الفَرْض في البَاطِن، وكذا في الظَّاهِرِ على أظهر الوَجْهَين، وهذا التَّرتِيبُ والتفصيل ذكره في "التهذيب"، وإذا اقتصر خرج منه الوجهان المَشْهُورَان، في أن المُمْتنع إذا أخذت منه الزَّكَاة، ولم يَنْوِ هل يسقط الفرض عنه باطناً؟ وبنى إمام الحرمين وصاحب الكتاب وجوب النية على الإمام على هذين الوجهين، إن قلنا: لا تبرأ ذمة الممتنع باطناً فلا يجب، وإن قلنا: تبرأ فوجهان:

أحدهما: لا؛ كيلا يتهاون المالك فيما هو متعبّد به.

والثاني: نعم؛ لأن الإمام فيما يليه من أمر الزَّكَاةِ كوليّ الطفل، والممتنع مقهور كالطفل، وظاهر المذهب أنه يجب عليه أن ينوي ولو لم يَنْوِ عصى، وإن نيته تقام مقام نية المالك، وهذا لفظ القَفَّال في "شرح التلخيص".

ومنها: أن يوكل وكيلاً بتفريق الزكاة، وإن نوى الموكل عند الدفع إلى الوكيل ونوى الوكيل عند الدفع إلى المساكين، فهو أولى، وإن لم ينو واحد منهما، أو لم يَنْوِ الموكل لم يَجُز كما لو دفع إلى المساكين بنفسه ولم ينو، وإن نوى الموكل عند الدفع، ولم ينو الوكيل فيه طريقان:

أحدهما: القطع بالجواز، كما لو دفع إلى الإمام ونوى.

وأظهرهما: أنَّه يبنى على أنه لو فرق بنفسه هل يجزئه تقديم النية على التفرقة فيه وجهان:


(١) أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٤٥٢) وأبو داود (١٥٧٥) والنسائي (٥/ ١٥ - ١٦)، والحاكم (١/ ٣٩٧) وقال: صحيح الإسناد والبيهقي (٤/ ١١٦).
والمشهور هو الجديد، والحديث الوارد في "سنن أبي داود وغيره" يأخذ شطر ماله، ضعفه الشافعي -رحمه الله- ونقل أيضاً عن أهل العلم بالحديث أنهم لا يثبتونه، وهذا الجواب هو المختار. وأما جواب من أجاب من أصحابنا بأنه منسوخ فضعيف، فإن النسخ يحتاج إلى دليل، ولا قدرة لهم عليه هنا. ينظر الروضة (٢/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>