والثاني: أنَّ هذه الزَّكَاة تجب بسبب واحد وهو إدراك الثِّمَار فيمتنع التَّقْدِيم عليه.
والوجه الثَّاني: أنه يجوز كزكاة المواشي قبل الحول.
وحكى الحناطي هذا الوجه عن ابن سريج ويشهر بابن أبي هريرة والأول بأبي إسحاق، وذكر القاضي ابن كَجّ أن أبا إسحاق أجاب بالوجهين في دفعتين، ولمن قال بالثاني أن يقول: أما التوجيه الأول فالكلام فيما إذا عرف حصول قدر النّصاب، وإن لم يعرف جملة الحاصل فبعد ذلك إن خرج زائداً على ما ظنه فيزكّي الزيادة، وإن خرج ناقصاً فبعض المخرج تطوع فلم يمتنع الإخراج.
وأما الثاني فلا نسلم أن لهذه الزكاة سبباً واحداً بل لها سببان أيضاً: ظهور الثمرة وإدراكها والإدراك بمثابة حولان الحول.
الحالة الثانية: ما بعد بُدُوِّ الصلاح وقبل الجفاف، وقد حكى إمام الحرمين في هذه أيضاً وجهين:
أحدهما: المنع، لعدم العدم بالقدرة.
وأصحهما -ولم يذكر الجمهور عنده-: الجواز كما يجوز إخراج الزكاة في الضرب الأول بعد النّصاب وقبل الحول بَلْ أَوْلَى إذ لا وجوب ثم بعد، وهاهنا يبدو الصلاح قد ثبت الوجوب وإنْ لم يلزم الإخراج.
وإذا تركت هذا التفصيل واختصرت فالحاصل ثلاثة أوجه كما ذكر في الكتاب:
أحدط: أَنَّ زكاة الثِّمَار لا تعجل قبل الجفاف.
والثاني: أنها تعجل بعد بُدُوَّ الصَّلاح.
والثالث: أنها تعجَّل بعد بدو الطَّلع، وبه قال أحمد وإيراد الكتاب يقتضي ترجيح الوجه الأول، وقد صرح به في "الوسيط" لكن الظَّاهر عند المعظم هو الثاني، بل نفى أبو الحسين بن القَطَّان أن يكون فيه خلاف، وكذا نقف صاحب "العدة" فهذا هو الكلام في زكاة الثمار ويقاس بها زكاة الزروع، فالإخراج بعد الفرك والتنقية لازم، وليس بتعجيل ولا يجوز الإخراج قبل نبات الزرع، ورأيت في بعض كتب أصحاب أحمد أن أبا حنيفة يجوزه بعد طرح البذر في الأرض ثم وراء ذلك حالتان:
إحداهما: ما بعد التَّسَنْبُل وانعقاد الحبوب، وقبل اشتدادها ففيه وجهان على ما سبق، والمنع هاهنا أولى؛ لأن الحبوب غير موجودة الزرع بقل، والثمار موجودة وإن لم يبد فيها الصلاح.
والثانية: ما بعد الاشْتداد والإدراك وقبل الفَرْكِ والتَّنْقِية، فالصحيح جواز