للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "يسقط كل الزكاة"؛ لأن السقوط يفتقر إلى سبق الثبوت، ونحن على هذا القول نقول بعدم الوجوب أصلاً إلا أن لفظ السقوط قد يستعمل حيث يكون الشيء بعرضية الثبوت فتبطل عرضيته.

وقوله في أول الصورة الثانية: "وعلى هذا" أي على قولنا: إن الإمكان شرط الضمان، فإنا حينئذ نبني المسألة على الخلاف في الوَقْص.

وقوله: "يسقط أربعة أتْسَاع شاة" أي: لأن الزكاة تنبسط على الوقص، ويجوز أن يُعَلم بالحاء والزاي والواو أيضاً لوجه أبي إسحاق.

وقوله: "فالجديد أن الزكاة لا تنبسط على الوقص" وتسمية ما يقابله قديماً إتباع لما ذكره الصَّيدلاني والإمام، وليس ذلك على سبيل جزم الجديد بعدم الانبساط؛ لأن الشيخ أبا حامد وغيره من الشُّيوخ نقلوا عدم الانْبِسَاط عن القديم، وأكثر الكتب الجديدة والانْبِسَاط عن البويطي "والإملاء" فاقتضى ذلك قولين في الجديد، وكلامهم يشعر بجزم القديم بعدم الانبساط، فإن كان كذلك لم يَجُز نسبة الانْبسَاط إلى القديم، وإلا فهو غير جازم بالانْبِسَاط كما أن الجديد غير جازم بعدم الانبساط.

قال الغزالي: وَإِمْكَانُ الأَدَاءِ يَفُوتُ بِغَيْبَةِ المَالِ أَوْ بِغَيْبَةِ المُسْتَحِقّ وَهُوَ المِسْكِينُ أَوِ السُّلْطَانُ فَإِنْ حَضَرَ مُسْتَحِقٌّ فَأَخَّرَ لاِنْتِظَارِ القَرِيبِ أَوِ الجَارِ لَمْ يَعْصِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَلَكِنَّ جَوَاز التَّأخِيرِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ عَلَى أَصَحِّ الوَجْهَيْنِ.

قال الرافعي: مقصود الفصل بيان المراد من إمكان الأداء، فاعلم أنه ليس المراد من الإمكان مجرد كونه بسبيل من إخراج الزكاة، ولكن يعتبر معه شيء آخر وهو وجوب الإخراج، وذلك بأن تجتمع شرائطه. فمنها: أن يكون المال حاضراً عنده فأما إذا كان غائباً فلا يوجب إخراج زكاته من موضع آخر، وإن جوزنا نقل الصَّدقات.

ومنها: أن يجد المصروف إليه والأموال على ما قدمنا ظاهرة وباطنة، والباطنة يجوز صرف زكاتها إلى السُّلْطَان ونائبه، ويجوز أن يفرِّقها بنفسه فيكون واجداً للمصروف إليه سواء وجد أهل السُّهمان أو الإمام أو نائبه (١).


(١) وقضيته أنه لا فرف بين أن يطلب الإمام أو نائبه أو أهل السهمان منه ذلك أم لا، وهو فيه متابع للقاضي أبي الطيب وابن الصباغ، لكن كلام الماوردي يقتضي اشتراط مطالبة الإمام حيث قال: إن كان باطناً فالإمكان بأخذ سنتين مطالبة الإمام العادل وحضور أهل السهمان، وإن كان ظاهراً فعلى قولين: أحدهما وهو القديم: أن إمكان الأداء فيه مطالبة الإمام العادل لا غير.
والجديد: كالباطن بمطالبة الإمام أو بحضور أهل السهمان، وكذا قاله أبو علي الطبرى في تعليقه عن ابن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>