وإذَا فرعنا على أن الربح يفرد بحول، فابتداؤه من يوم الظُّهُور أم من يوم نَضَّ وباع؟ فيه وجهان:
أحدهما: وبه قال ابن سريجَ: أنه من يوم الظُّهور؛ لأن الربح لم يحصل بالبيع، وإنما حصل بارتفاع قيمة السلعة.
والثاني: أنه من يوم البيع والنضوض؛ لأن الزيادة به تستقر، وقبله قد يتوهم زيادة، فيتبين خلافه لاضطراب السوق.
قال القَّاضِي الرّوُيَانِي وغيره: وهذا ظاهر المذهب.
الحالة الثَّانية: أَنْ يَشْتَرِي بها سِلْعَةً قبل تمام الحول فطريقان:
أحدهما: القطع بأنه يزكي عن الجميع؛ لأن ما في يده في آخر الحول عرض.
وأصحهما: أن الحكم كما لو أمسك النّاض إلى تمام الحول؛ لأن الربح بالنضوض بمثابة فائدة استفادها، فلا يختلف حكمها بين أن يشتري بها سلعة أو لا يشتري، وهذا كُلُّه فيما إذا باع ونض في خلال الحول، فأما إذا باع وَنَضَّ بعد تمامه، فقد قال الشيخ أبو عَلِي: ينظر إن ظهرت الزيادة قبل تمام الحول فلا خلاف في أنه يزكي الكُلّ بحول الأَصْلِ، وإن ظهرت بعد تمامه فوجهان:
أحدهما: هكذا.
وأظهرهما: أنه يستأنف لِلرِّبْحِ حَوْلاً، وجميع ما ذكرناه فيما إذا اشترى العَرَضَ بِنِصَابٍ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ، أَو اشْتَرَاهُ بِغَيْرِهِمَا، وَهُوَ يُسَاوِي نِصَاباً.
أما لو اشترى بمائة درهم مثلاً وباعه بعد سِتَّة أشهر بمائتي درهم، وبقيت عنده إلى آخر الحول من يوم الشِّراء، فإن قلنا:
بظاهر المذهب، وهو أن النِّصَاب لا يشترط إلا في آخر الحول، تَفَرَّعت المسألة على قولين في أن الرِّبْحَ مِنَ النَّاض هل يضم إلى الأصل في الحول؟ إن قلنا: نعم، فعليه زَكَاة المائتين، وإن قلنا: لا، لم يُزَكِّ مائة الربح إلا بعد سِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى، وإن قلنا: إن النِّصَاب يشترط في جميع الحول أو في طرفيه، فابتداء حوله من يوم باع ونَض، فإذا تَمَّ زكى عن المائتين.
واعلم أن مسألة الكتاب فيما إذا رَدَّ إلى النضوض في خلال الحول ثم اللفظ من جهة إطلاقه يشمل ما إذا أمسك النَّاض حتى تم الحول، وما إذا اشترى به سلعة أجرى، ويشمل أيضاً ما إذا كان نِصَاباً في أول الحول، أو ناقصاً عنه، وإجراؤه على إطْلاَقِهِ فيهما صَحِيح مستمر.