الستمائة، وإن أفردناه أخرج زكاة أربعمائة، فإذا مضت سِتَّة أشْهُرٍ أخرج زكى مائة، فإذا مضت ستة أشهر أخرى. أخرج زَكَاة المَائَة الباقية، هذا على جواب ابن الحداد (١).
وأما على الوجهين الآخرين، فيخرج عند البيع الثاني زكاة مائتين، ثم على الوجه الأول إذا مضت سِتَّة أشْهُرَ أخرج زَكَاة مَائَة، وإذا مضت ستة أشهر أخرى أخرج زكاة ثلثمائة، وعلى الوجه الثاني إذا مضت ستة أشهر من يوم البيع الثاني أخرج زكاة الأربعمائة الباقية. ولو لم يبع العرض الثاني أخرج زكاة أربعمائة عند تمام الحول، وزكاة الباقي بعد سِتَّة أَشْهُرٍ، هذا هو الحكم، فإن أردت التوجيه فَخَرَّجْهُ عَلَى مَا سَبَقَ.
قال الرافعي: مال التجارة إذا كان حيواناً فلا يخلو: إما أن تجب فيه زكاة العين كنصاب السائمة من الغنم، فالكلام فيه وفي نتاجه سيأتي مِنْ بعد. أولاً تجب كالخيل، والجواري، والمَعْلُوفة من النَّعَم، فَهَلْ يكون نَتَاجها مالَ تِجَارة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأن النَّمَاء الذي تفيده العين لا يناسب الاستنماء بطريق التجارة، فلا يجعل مال تجارة، ويروى هنا عن ابن سُرَيْجٍ.
وأصحهما: نعم؛ لأن الولد جزء من الأم، فله حكمها، وزوائد مال التِّجارة من فوائد التِّجارة عند أهلها، والوجهان فيما إذا لم تنقص قيمة الأُمّ بالولادة، فإن نقصت كما إذا كانت قيمة الجارية ألفاً، فعادت بالولادة إلى ثمانمائة، وقيمة الولد مائتان، فيجرِ نُقْصَانُ الأُمِّ، بقيمته، وعليه زكاة الألف ولو عادت قيمتها إلى تسعمائة جبرنا نقصان المائة من الولد؛ لأن سبب النقصان انفصال الولد، وهو عتيد حاضر، فيجعل كأنه لا نقصان، كذا حكي عن ابْنِ سُرَيجٍ وغيره.
وقال الإمام: وفيه احتمال ظاهر، وقضية قولنا: إنه ليس مال تجارة أن لا تجبر به نقصان الجارية كالمستفاد لسبب آخر. وقوله في الكتاب:(في نصاب مال التجارة) لفظ (النصاب) حشو في هذا الموضع. وقوله:"وجهاً واحداً" أي: من جهة النَّقْد، وما ذكره الإمام إنما أبداه على سبيل الاحتمال. وثمار أشجار التِّجارة بمثابة أولاد حيوان التِّجارة، ففي كونها مال تجارة ما ذكرنا من الوجهين، ثم إن لم نجعل الأولاد والثمار مال تِجَارة، فكيف القول في زكاتها في السَّنة الثَّانِيَةَ وَمَا بَعْدَهَا؟ أنخرجها من حساب التجارة
(١) هذا هو المذهب كما ذكر النووي في شرح المهذب (٦/ ٢٠).