للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّانِي -وبه قال أبو إسحاق واختاره القاضي أبو الطيب (١) -: أن القولين مَخْصُوصان بها إذا اتفق الحولان، وذلك بأن يشتري بعروض القَنْيَة نِصَاباً مِنَ السَّائِمَة لِلتِّجَارَة. فأما إذا لم يتفقا فلا جريان للقولين، وعلى هذا فما الحكم؟ نَقَلَ الإِمَامُ -رضي الله عنه- فيه طريقين:

أحدهما: أن المتأخر يرفع المُتَقَدِّم، وَيتَجَرَّدُ قولاً وَاحِداً.

والثَّاني: أن المُتَقَدِّم يرفع المتأخر، وعليه زكاة التّجارة في الصُّورَةِ المَفْرُوضة قولاً واحداً: لأن التي تَمَّ حَوْلُهَا خَالِية عن زحمة الغير فتجب، وهذا هو الأشهر الذي نَقَله المعظم تفريعاً على طريقة أبي إسحاق، وإذا طردنا القولين فيما إذا تَقَدَّم حول التِّجَارة، فإن غَلَّبْنَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ فَلاَ كَلاَمَ، وإن غَلَّبْنَا زَكَاةُ الْعَيْنِ فوجهان:

أحدهما: أنها تَجِب عند تمام حولها، وما سبق من حول التجارة على حول زَكَاة العَيْنِ يَتَعَطَّل (٢).

وأظهرهما: أنه يجب عليه زكاة التجارة عند تمام حولها لئلا يحبط بعض حولها، ثم يستفتح حول زكاة العين من منقرض حولها، وتجب هي في سَائِرِ الأحوال.

وقوله: (وقلنا: المغلب زكاة العين) جواب على طريقة طرد القولين مع اختلاف الحولين، ولك أن تُعَلِّمَهُ بالواو، وتشير به إلى الطريقة الثَّانية لِلْخِلاَف، هذا تمام القَوْلِ فيما إذا كَانَ مَالَ التِّجَارَة نِصَاباً من السَّائِمَة -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَلَوِ اشْتَرَى حَدِيقَة لِلتِّجَارَة فَأثْمَرَتْ وَقُلْنَا: الثَّمرَةُ مَالُ التِّجَارَة، أَوْ اشْتَرَى الثِّمَارَ قَبْلَ الصَّلاحِ فَبَدَا الصَّلاحُ فِي يَدِهِ وَغَلَّبْنَا زَكاةَ العَيْنِ فَالعُشْرُ المُخْرَجُ لاَ يَمْنَعُ مِنَ انْعِقَادِ حَوْلِ التِّجَارَةِ عَلَى الثِّمَارَ بَعْدَ القِطَافِ، وَهَلَ نُسْقِطُ زَكَاةَ التِّجَارَةِ عَنِ الأَشْجَارِ وَالأَرَاضِي؟ فِيهِ ثَلاَثةُ أَوْجُهٍ مَنْشُؤُهَا التَّرَدُّدُ فِي التَّبَعِيَّةِ، وَفِي الثَّالِثِ يُتْبَعُ الشَّجَرَةُ دُونَ الأَرْضِ، وَلَوِ اشْتَرَى أَرْضًا لِلتَّجَارَةِ وَزَرَعَهَا بِبَذْرِ القَنْيَةِ فَحَقُّ الزَّرْع العُشْرُ، وَلاَ تَسْقُطُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ عَنِ الأَرْضِ، لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَمْ تُوجَدْ فِي مُتَعَلَّقِ العُشْرِ حَتَّى يُسْتَتْبَعْ غيْرُهُ.

قال الرافعي: الفصل ينظم صورتين:

أحدها: لو اشترى حديقة، أو نخيلاً لِلتِّجَارَة فأثمرت أو أرضاً مزروعة للتجارة


(١) وأبو علي بن أبي هريرة وأبو حفص بن الوكيل حكاه عنهما الماوردي وصححه الشيرازي في المهذب وقطع به الجرجاني في التحرير.
(٢) وفي الروضة يبطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>