للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وينسب إلى ابْنِ سُرَيجٍ أيضاً، وبه قال مالك؛ لأنا إنما تتبع قولهما، بناء على الظَّنَّ وقد تَيَقَّنَا خِلاَفه، وقد عرفت بما ذكرنا أن في الصُّورتين وجهين إلا أن الإفطار في الثَّانِيَة أظهر منه في الأولى، وفرَّع بعضهم على قول ابن الحدَّادِ فقال: لو شهد اثنان على هِلاَل شَوَّال، ثم لم ير الهِلاَل والسَّماء مصحية بعد ثلاثين قَضَيْنَا صَوْمَ أَوَّلِ يَوْمٍ أفطرنَا فِيهِ؛ لأنه كان كَوْنُه لأنه بَانَ كَونُه من رمضان، لكن لا كفارةَ على من جَامَع؛ لأن الكفارة تَسْقُط بِالشُّبْهَةِ، وعلى ظَاهِر المَذْهب لاَ قَضَاءَ ولا كَفَّارة.

ويتعلَّق بالقولين في اعتبار العَدَدِ مسألة أخرى، وهي: أن الْهِلاَل هل يثبُتُ بالشَّهَادة عَلَى الشَّهَادَة (١)؟ وقد حكى الشَّيْخُ أبو عَلِي فيه طريقين:

أحدهما: أنه على القَوْلَين في أن حدودَ اللهِ تعالى هَل تَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادة.

وأصَحُّهُمَا: القَطْع بثبوتِه كالزَّكاة، وإتْلاَفَ بواري المَسْجِدِ، والخلاف في الحُدُودِ المبنية على الدفع والدرء.

وعلى هذا فعدد الفُروع مَبْنِيٌّ على القول في الأُصُول إن اعتبرنا العَدَدَ في الأصُولِ فحكم الفُرُوع هاهنا حكمهم في سائر الشَّهَادَات (٢)، ولا مَدْخَل فيه لِشَهَادَةِ النِّسَاء والعَبِيدِ. وإن لَم نعتبر العدد فإن قلنا: إن طريقه طريق الرواية فوجهان:

أحدهما: أنه يَكْفِي واحد كرواية الأخبار.

والثاني: لا بُدَّ من اثنين.


(١) إذا ثبت هذا ففي صفة التحمل المتفق عليها عندنا صور:
الصورة الأولى: أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع أشهد على شهادتي، وعن شهادتي أني أشهد بكذا أو أعرف فلا يعينه واسمه ونسبه، واشهدني على نفسه لزيد بدرهم، وأنا أشهد عليه بذلك فاشهد على شهادتي وعن شهادتي أني أشهد عليه بذلك.
الصورة الثانية: أن يسمع رجل من رجل يشهد عند الحاكم بحق في مجلس حكمه شهادة صحيحة فإن لم يقض الحاكم بها فللسامع مع أن يتحمل الشهادة التي أداه على شهادته قولاً واحداً وإن لم يقل له مخاطباً أشهد على شهادتي.
الصورة الثالثة: أن يقول رجل لرجل يخاطبه: أشهد على شهادتي أني أشهد بكذا فإذا سمعه رجل لم يخاطبه بشيء جاز للسامع غير المخاطب أن يتحمل الشهادة عنه على شهادته قولاً واحداً. هذه الصورة محل اتفاق في مذهب الشافعية وهناك صور مختلف فيها. انظر أدب القضاء لابن أبي الدم (٢/ ٥٩ - ٦٢)، أدب القاضي للماوردي ج ٤/ فقرة (٢٨٥١) وما بعدها.
(٢) فيشترط أن يشهد على شهادة كل واحد شاهدان، وهل يكفي شهادة رجلين على شهادة شاهدي الأصل جميعاً فيه القولان المشهوران أصحهما يكفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>