للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يلازمنها والقديم وبه قال أبو حنيفة: نعم، لِأنه مكان صلاتها كما أن المسجد مكان صلاة الرجال، وعلى هذا ففي جواز الاعتكاف فيه للرجل وجهان: وهو أولى بالمنع، ووجه الجواز أن نفل الرجل في البيت أفضل، والإعتكاف ملحق بالنوافل، وإذا قلنا بالجديد فكل امرأة يُكْرَه لها حضور الجماعات، يكره لها الخروج للإعتكاف، والتي لا يكره لها ذَاكَ لا يكره لَهَا هذا (١).

قال الغزالي: (وَلَوْ عَيَّنَ مسْجِداً بِنذْرِهِ، فالصَّحِيحُ أَنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ يَتَعَيَّنُ، وَسَائِرَ المَسَاجِدِ لاَ تَتَعَيَّنُ، وَفِي المَسْجِدِ الأَقْصَي وَمَسْجِدِ المَدِينةِ قَوْلاَنِ، وقيل: إِنَّ الكُلَّ لاَ يَتَعَيَّنُ، وَقِيلَ: إِنَّ الكُلَّ يَتَعَيَّنُ، وَأَمَّا الزَّمَانُ فَالمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ (و) كَمَا فِي الصَّوْمِ ثُمَّ يَقْضِي (و) عِنْدَ الفَوَاتِ.

قال الرَّافِعِيُّ: مقصود الفصل في تعيين مكان الاعتكاف وزمانه بالنذر.

أما المكان فإن عَيَّن المسجدَ الحرام، تعين لمزيد فضله، وتعاق النسك.

وأن عين مسجد المدينة، أو المسجد الأقصى فهل يتعين فيه قولان.

أظهرهما: وبه وقال: أحمد، نعم؛ لأنهما مسجدان ورد الشرع بشد الرحال إليهما، المَسْجِد الحرام.

والثاني: لا؛ لأنه لا يتعلق بهما نسك، فأشبها سائر المساجد، وذكر الإمامُ أن من الأصْحَابِ من خرج تعيين المَسْجِد الحَرامِ على هذين القولين. وإن عين المَساجِدَ الثلاثة ففي التعيين وجهان. وقال الكَرَخِي: قولان عن ابن سريج.

أظهرهما: أنه لا يتعين كما لو عَيَّنَهُ لِلصَّلاة.

والثاني: أنه يتعين؛ لأن الإعتكاف يختص بالمسجد بخلاف الصلاة لا تختص بالمَسْجِد فلا يتعين لها المسج.

واحتج لهذا الوجه بأن الشافعي -رضي الله عنه- قال: لو أوجب على نفسه اعتكافاً في مسجدٍ فانهدم إعتكف في موضع منه، فإن لم يقدر خرج، فإذا بُنِيَ المسجدُ رَجَع وبنى على اعتكافه. ومن قال بالأول حمله على ما إذا كان المعينُ أحدَ المَسَاجِدِ الثلاثة، أو ما إذا لم يكن في تلك القربة مَسْجدٌ آخر، ومنهم من قطع بأن غير المَسَاجِد الثلاثة لا يتعين، ونفى الخلاف فيه. وإذا عرفت ما ذكرناه تبين لك أن في تعيين الجميع


(١) قال النووي: قد أنكر القاضي أبو الطيب وجماعة هذا القديم. وقالوا: لا: يجوز في مسجد بينها قولاً واحداً، وغلطوا من قال: قولان. ينظر الروضة (٢/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>