للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيء محترم من مَطْعُومٍ وغيره عصى، وهل يجزئه ذلك عن الفرض؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأن المقصود، قلع النجاسة، وقد حصل فصار كالاستنجاء باليمين.

وأظهرهما: أنه لا يجزئه، لأن الاقتصار على الأحجار [من قبيل الرُّخَصِ، والرخص لا تُنَاط بالمعاصي؛ وعلى هذا فله أن يقتصر على الأحجار] (١)، كما لو لم يستعمل شيئاً إلا إذا نقل النجاسة عن موضعها، كما في الأَمْلَسِ، ويلتحق بهذا الشرط القول في الجِلْدِ، والطاهر منه ضَرْبانِ غير المدبوغ، وهو جلد المَأْكُول المُذكَّى، والمدبوغ من المأكول وغيره، أما غير المدبوغ ففي جواز الاستنجاء به قولان:

أحدهما: الجواز كالثياب وسائر الأعيان، وإن كان فيه حرمة فليست هي، بحيث تمنع الاستعمال في سائر النجاسات فكذلك في هذه النجاسة.

وأصحهما: المنع لأمرين:

أحدهما: أن فيه دُسُومَةً تمنع التَّنْشِيفِ.

والثاني: أنه مأكول ألا ترى أنه يؤكل على الرؤوس والأَكَارعِ، فصار كسائر المَطْعُومَاتِ، ومنهم من قال: لا يجوز بلا خلاف، وإليه مال الشَيخ أبو حامد، وكثيرون، وحملوا ما نقل من تَجْوِيزِ الاستنجاء على ما بعد الدِّبَاغِ.

وأما الضرب الثاني: وهو المدبوغ، ففيه قولان أيضاً:

أصحهما: الجواز؛ لأن الدِّباغ يزيل ما فيه من الدُّسُومة، وبقلبه عن طَبْعِ اللحوم إلى طبع الثياب والثاني لا يجوز؛ لأنه من جنس ما يؤكل، ويجوز أكله إذا دبغ، وإن كان جلد ميته على اختلاف فيه قد قدمناه، ومنهم من قال: يجوز هاهنا بلا خلاف، وما نقل من المنع محمول على ما قبل الدّباغ، وإذا جرينا على الطريقة الظاهرة، وهي إجراء القولين في الصورتين، واعتبرنا مُطْلَق الجلد انتظم ثلاثة أقوال، كما ذكر في الكتاب المنع مطلقاً، والتجويز مطلقاً؛ والفرق بين المدبوغ وغيره، وهو الأصح في المذهب، وإن جعل صاحب الكتاب الثاني أصح، وليس من شرط المستنجى به أن لا يكون قد استنجى به مرة أخرى، بل إن تلوث وتنجس جاز استعماله مرة أخرى إذا طهر وَجَفَّ، وإن لم ينجس كالحجر الثاني.

والثالث: إذا لم يبق على الموضع شَيْءٌ جاز استعماله في الحال، وفيه وجه: أنه لا يجوز كالتراب المستعمل، ولو كان كذلك لما جاز أيضاً بعد غسله، ولم يختلفوا في جواز استعماله بعد الغسل.


(١) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>