أحدهما: نعم؛ لأن الكَفَّارَةَ إنما تَجِب عند تَمَامِ النُّسُكَيْنِ على سبيل الرَّفَاهِيَة، وربح أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، وإذا مات قبل الفَرَاغ لم يحصل هذا الغَرَض.
وأصحها: أنه لا يسقط بل يخرج من تركته؛ لأنه وَجَبَ بِالإحْرَام بالحَجِّ والتمتع بالعمرة إلى الحج، وأنه موجود، ولو مات بعد الفراغ من الحج فلَا خلاف في أنه يخرج من تركته. وأما الصَّومَ فإن مات قبل التمكن منه: ففيه قولان:
أحدهما: أنه يهدي عنه؛ لأن الصَّوْمَ قد وجب بالشُّروع في الحَجِّ فلا يسقط من غير بدل، وهذا مصور فيما إذا لم يَجِد الهَديَ في موضعه وله ببلده مَالٌ، وفيما إذا كَانَ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ.
والثاني: أنه يسقط؛ لأنه صَوْمٌ لم يتمكن من الإتْيَانِ بِهِ، فأشبه صَوْمَ رَمَضَانَ، وهذا أصح قاله ابْنُ الصَّبَّاغِ، وصاحب "التهذيب" وإن تمكن من الصَّوْمِ فلم يصم حتى مَاتَ فَهَلْ هو كصوم رمضان؟ فيه طريقان:
أصحهما: نعم؛ لأنه صَوْمٌ مفروضٌ فاته بعد القدرة عليه فعلى هذا يصوم عنه وَلِيُّه في القول القديم، وفي الجديد يطعم عنه من تركته لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّ، فإن تمكن من جَمْعِ العشرة فعشرة أَمْدَادٍ، إلا فَبِالقِسْطِ، وهل يجب صَرْفُهُ إلى فقراء الحَرَمِ أم يجوز صرفه إلى غيرهم؟ فيه قولان:
أشبههما: الثاني.
والثاني: أنه لا ينزلَ منزلة صوم رَمَضَانَ، وتجعل الفدية من خواص رمضان كالكفارة العُظْمَى، وعلى هذا: فقولان:
أصحهما: أن الرُّجُوعَ إِلَى الدَّمِ، لأنه أقرب إلى هذا الصَّوْمِ من الأمداد، فيجب في فَوَاتِ ثلاثة أيام إلى العَشْرَةَ شَاةٌ، وفي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثُلُثُ شَاةٍ، ويومين ثُلُثَا شَاةٍ، وعن أبي إسحاق إشارة إلى أن اليوم واليومين كإتلاف الشعرة والشعرتين من المحرم، وفيما يقابل به الشعرة الواحدة أقوال:
أحدها: مُدٌّ من طعام.
والثاني: دِرْهم.
والثالث: ثلث شاة.
والثَّاني: نقله الإمام والمصنف في "الوسيط" عن رواية صَاحِبِ التقريب أنه لا يَجِبْ شَيْءٌ أصلاً.
فإن قلت: قد عرفت حكم ما إذا تمكن من الصوم وما إذا لم يتمكن فما التمكن؟