للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله (إلا أن يحرم قبل أشهر الحج ثم يعين للحج) أراد به ما إذا أحرم مطلقاً قبل الأشهر ثم صرفه إلى الحَجِّ في الأشهر.

وقوله: (أو يدخل عليه الحج بعد الأشهر) أراد به ما إذا أحرم بالعمرة في غير الأَشْهُرِ، ثم أدخل الحَجَّ عليها في الأشْهُرِ، وإن لم يكن في اللفظ إنباء عنه، وقد أجاب فيهما جميعاً بالمنع وهو ظاهر المذهب في الصورة الأولى.

وأما في الثانية وهي صورة الإدخال فكأنه تابع فيه الشَّيْخَ أَبَا عَلِيّ: فإنه اختاره وحكاه عن عامة الأصحاب، لكن القَفَّالَ اختار الجواز وبه أجاب صَاحِبُ "الشَّامِلِ" وغيره ثم فيما ذكره من جهة اللفظ استدراك، فإنه استثنى الصورتين مما إذا أحرم مُطْلَقًا والصورة الثانية غير داخلة فيه حتى تستثنى، وما الأفضل من إطلاق الإحْرَام وتعيينه؟ فيه قولان: قال في "الإملاء": الإطلاق أفضل، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "أَحْرَمَ مُطْلَقَاً" (١) وأيضاً فقد يعرض ما يمنعه من أحد النسكين، فإذا أطلق أمكن صَرْفُه إلى الآخر.

وقال في "الأم" وهو الأصح: التعيين أفضل، وبه قال أبو حنيفة: -رضي الله عنه- لأنه أقرب إلى الإِخْلاَص، وقد روى عن جابر -رحمه الله- قال: "قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَقُولُ لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ" (٢) وعلى هذا فهل يستحب التلفظ بما عَيَّنَهُ؟ فيه وجهان:

أصحهما: وهو المنصوص: لا بل يقتصر على النية؛ لأن إخفاء العبادة أفضل.

والثاني: وبه قال أبو حنيفة: نعم لخبر جابر -رضي الله عنه-، ولأنه يكون أبعد عن النسيان -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَلَوْ أَهَلَّ عَمْرو بإهْلاَلٍ كَإهْلاَلِ زَيْدٍ صَحَّ، فَإِنْ كَانَ إِحْرَامُ زَيْدٍ مُفَصَّلاً أَوْ مُطْلقًا كَانَ إِحْرَامُ عَمْروٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ أَطْلَقَ أَوَّلاً ثم فَصّله قَبْلَ إِحْرَامِ عَمْروٍ نُزَّلَ إِحْرَام عَمْروٍ عَلَى المُطْلَق نَظَرًا إلَى الأَوَّلِ أَوْ عَلَى المُفَصَّل نَظَرًا اِلي الآخَرِ فِيهِ وَجْهَانِ، وَلَو لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرمًا بَقِيَ إحْرَامُهُ مُطْلَقاً إلاَّ إِذَا عُرِفَ أنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمِ، فَإِنْ عُرَفَ مَوْتُهُ انْعَقَدَ لِعَمْروٍ إِحْرَامٌ مُطْلَقاً عَلَى أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ وَلُغَتِ الإِضَافَةُ فَإنَّهُ نَصَّ في "الأُمِّ" أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ عَنْ مُسْتَأْجِرَيْنِ تَعَارضَنَا وَانْعَقَدَ عَنِ الأَجِيرِ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ المُسْتَأجِرِ تَسَاقَطَتِ الإِضَافَتَانِ وَبَقِيَ الإحْرَامُ عَنِ الأَجِيرِ.

قال الرافعي: إذا أَهَلَّ عمرو بما أَهلَّ به زَيْدٌ جَاز لما روي "أَنَّ عَلِيًّا وَأَبَا مُوسَى -


(١) تقدم.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>