للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْلَبُ اسْمَ المَاءِ المُطْلَقِ (١) وَكَذا المُسَخَّنُ وَالمُشَمَّسُ، وَفِي المُشَمَّسِ كَرَاهِيَةٌ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ إِذَا شُمِّسَ في البِلاَدِ المُفْرِطَةِ الحَرَارَةِ في الأوَاني المُنْطَبِعَةِ.

قال الرافعي: ذكرنا أن المتغير عن أوصاف الخلقة قسمان:

أحدهما: المتغير الذي لا يُسْلَبُ اسم الماء المطلق عنه. والثاني: ما يسلب.

أما القسم الأول فقد أدرج فيه أنواعًا منها: أن يكون التغير يسيرًا، وإن كان المُغَيِّرُ خَلِيطاً مستغنىً عنه كـ"الزَّعْفَرانِ" وَ"الدَّقِيقِ"، ونحوهما، فظاهر المذهب أنه لا يقدح في الطهورية، لأنه لا يبطل اسم الماء المطلق. وفيه وجه: أنه يقدح كالمتغير بالنجاسة يسلب الطهارة، سواء كان يسيراً أو فاحشاً.

ومنها: أن يتغير بشيء يجاور الماء ولا يخالطه كالعود ونحوه. وهل يؤثر في سَلْبِ الطّهُورِيَّةِ، فيه قولان؟ أصحهما: وهو الذي ذكره في الكتاب أنه لا يؤثر؛ لأن هذا النوع من التغير تروح لا يسلب إطلاق اسم الماء كتغير الماء بِجِيْفَةٍ مُلْقَاةٍ عَلَى شَطِّ نَهْرِ.

والثاني: نعم لأنه تغير بما يلاقي الماء فأشبه التغير بما يخالط: وفي مَعْنَى العُودِ الدُّهْنُ، وَالشَّمْعُ، وما لا يختلط بالماء. وَالكَافُورُ نوعان:

أحدهما: يذوب [في الماء] (٢) ويختلط به.

والثاني: لا يَنْمَاعُ فيه، فالأول: كَالدَّقِيْقِ وَالزَّعْفَرانِ.

والثاني: كالعود فلذلك قيد الكافور بالصلابة. ومنها: أن يتغير بما لا يمكن صون الماء عنه، كالمتغير بالطِّيْنِ، وَالطُّحْلُبِ والكِبْرِيتِ، وَالنورَةِ، في مقرّ الماء ومهره، فهذا التغير لا يسلب الطهورية لوجهين:

أحدهما: أن أهل اللسان والعرف لا يمتنعون من إيقاع اسم الماء المطلق عليه.

والثاني: عسر الاحتراز عنه، ومن هذا القبيل المتغير بالتراب الذي يثور وَيَنْبَثُّ في الماء ويختلط به والمتغير بِالزَّرْنيخِ.


(١) قال النووي: ولا كراهة في استعمال شيء من هذه المتغيرات بما لا يصان عنه، ولا في ماء البحر، وماء زمزم، ولا في المسخن ولو بالنجاسة. ويكره شديد الحرارة والبرودة. والله أعلم. الروضة ١/ ١١٩.
(٢) في ب: فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>