للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: وَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ بأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ (الْأَوَّلُ) خُرُوجُ الْخَارجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ رِيحًا كَانَ أَوْ عَينًا نَادِراً كَانَ أَوْ مُعتَادًا طَاهِرًا أَوْ نَجِساً.

قال الرافعي: نواقض الوضوء عندنا أربعة:

أحدها: خروج الخارج من أحد السَّبِيلَيْنِ، يدل عليه الإجماع والنصوص، كقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (١) وقوله -صلى الله عليه وسلم- في المَذْي: "يَنْضَحُ فَرْجَهُ بِالْمَاءِ ويتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ" (٢). ولا فرق بين العين والريح قال -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ وُضُوءَ إِلاَّ مِنْ صَوْتٍ (٣) أَوْ رِيحٍ" وقد يفرض خروج الريح من القُبُلِ في النساء، ومن الإحليل أيضاً؛ لأدرة وغيرها فينقض الطهارة أيضاً خلافاً لأبي حنيفة، لنا القياس على الدُّبُرِ، ولك أن تعلم قوله: (ريحاً) بالحاء إشارة إلى هذا الخلاف، وإذا كان الخارج عيناً فلا فرق بين أن يكون معتاداً أو نادراً كالذود والحصا خلافاً لمالك في النادر إلا في دم الاسْتِحَاضة.

لنا القياس على المعتاد بعلَّة أنه خارج من السبيلين، وظاهر ما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ" (٤). ونحو ذلك.

وأما قوله طاهراً أو نجساً فقد يتوهم أن المراد من الطاهر المَنِيُّ، وليس كذلك، بل المراد منه الدود والحصا وسائر ما هو طاهر العين.

وأما المني فلا يوجب خروجه الحدث وإنما يوجب الجَنَابة، ولا يُغْتَرُّ بتعميم الأئمة القول في أن الخارج من السبيلين ناقض للطهارة، فإن هذا ظاهر يعارضه نصهم في تصوير الجنابة المجردة عن الحَدَثِ، على أن من أنزل بمجرد النظر أو بالاحتلام


(١) سورة المائدة ٨ الآية ٦.
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٩) ومسلم (٣٠٣) من رواية علي - كرم الله وجهه.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٤١٠، ٤٣٥، ٤٧١) والترمذي (٧٤، ٧٥) وقال: حسن صحيح وابن ماجة (٥١٥) والبيهقي (١/ ١١٧) وقال صاحب الإمام: إسناده على شرط مسلم، وقال الحافظ قال البيهقي: هذا حديث ثابت قد اتفق الشيخان على إخراج معناه من حديث عبد الله بن زيد، وقال ابن أبي حاتم سمعت أبي وذكر حديث شعبة عن سهل عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، فقال أبي: هذا وهم اختصر شعبة متن هذا الحديث، فقال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، ورواه أصحاب سهل بلفظ: إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحاً من نفسه فلا يخرج حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، ورواه أحمد والطبراني من حديث السائب بن خباب بلفظ: لا وضوء إلا من ريح أو سماع. انظر التلخيص (١/ ١١٧).
(٤) أخرجه الدارقطني (١/ ١٥١) والبيهقي (١/ ١١٦) من رواية ابن عباس بإسناد ضعيف، والأصح وقفه عليه، قاله الأزدي والبيهقي وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>