للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي حَفْصِ بْنِ الوَكِيلِ: أنه يجب الرُّقِيُّ عليهما بقدر قامَةِ رَجُلٍ.

لنا: اشتهار السعي من غير رُقِيٍّ عن عثمان وغيره من الصَّحابة -رضي الله عنهم- من غير إنكار. ومنها: الذِّكْر والدّعَاء، فليس في تركهما إلا تَرْك فَضِيلَةٍ وَثَوَابٍ. ومنها: سرعة المشي في المَوْضِعِ المَذْكُورِ، والهينة في البَاقِي كَالرَّمُلِ، والهينة في الطَّوَافِ بالبيت ومنها: المُوَالاةُ فِي مَرَّات السعي، وبين الطواف والسعي، ولا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي، بل لو تَخَلَّل بينهما فصلٌ طويلُ لم يقدح، قاله القَفَّالُ وغيره.

نعم، لا يجوز أن يتخلل بينهما ركن بأن يطوف لِلْقُدُومِ، ثم يقف بعرفة ثم يَسْعَى، بل عليه إعادة السَّعْي بعد طَوَافِ الإفَاضَةِ، وذكر في "التتمة" أنه إذا طال الفَصْلُ بين مَرَّاتِ السَّعْي، أو بين الطَّوَافِ والسَّعْي ففي إِجْزَاءِ السَّعْي قولان، وإن لم يتخلل بينهما ركن والظاهر: ما سبق.

وأما الواجبات فمنها وقوعُ السَّعْي بَعْدَ الطواف، فلو سعى قبل أن يطوف لم يُحْسَب، إذ لم ينقل عن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَمَنْ بَعْدَه السعي إلا مرتباً على الطَّوَافِ ترتيب السُّجودِ على الرّكُوع، ولا يشترط وقوعه بعد طَوَافِ الرُّكْن، بل لو سعى عقيب طواف القدوم أجزأه، ولا يستحب أن يعيده بَعْدَ طواف الإفَاضَةِ؛ لأن السَّعْي ليس قربة في نفسه كالوقوف، بخلاف الطَّوَافِ، فإنه عبادة يتقرب بِهَا وَحْدَها.

وعن الشَّيْخ أَبِي مُحَمَّدٍ: أنه يكره إعادته فضلاً عن عدم الاستحباب.

ومنها: الترتيب وهو الابتداء بالصَّفَا لقوله -صلى الله عليه وسلم- "ابْدَأوا بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ" (١) فإن بدأ بالمَرْوَةِ لم يحسب مروره مِنْهَا إِلَى الصَّفَا (٢). وعن أبي حنيفة أنَّه لا يجب الترتيب فيجوز الابتداء بالمروة. ومنها: العدد، فلا بد من أن يَسْعَى بين الجَبَلَيْنِ سَبْعاً، ويحسب الذِّهَابُ مِنَ الصَّفَا إِلَى المَرْوَةِ مَرَّة، والعَوْدُ مِنْهَا إلى الصَّفَا أخرى، فيكون الابتداء بالصَّفا والخَتْم بالمروة، وذهب أَبُو بَكْر الصَّيْرَفِيُّ إلى أن الذهاب والعود يحسب مرة واحدة؛ لينتهي إلى ما منه بدأ، كالطواف بالبيت، وكما أن في مَسْحِ الرأس يذهب باليدين إلى القَفَا ويردهما ويكون ذلك مرة واحدة، ويروى هذا عن أَبي عبد الرحمن بن بنت الشافعي -رضي الله عنه- وابن الوكيل.

لنا: إطباق الحَجِيج على ما ذكرنا من عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا.


(١) تقدم قريباً.
(٢) قال النووي: ويشترط في المرة الثانية: أن يبدأ بالمروة. فلو أنه لما وصل المروة ترك العود في طريقه، وعدل إلى المسجد، وابتدأ المرة الثانية من الصفا أيضاً، لم يصح أيضاً على الصحيح. وفيه وجه شاذ في "البحر" وغيره. ينظر الروضة (٢/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>