للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه ترجمة جملية لهذه الوَظَائِفِ ومسائلها على التَّفْصِيلِ بين يَدَيْكَ.

وقوله في الكتاب: (وهذه سنة) مُعَلَّم بالميم، إن ثبت ما رواه بعض أصحابنا عن مالك أن الوقوف بالمَشْعَرِ الحَرَامِ وَاجِبٌ.

وقوله: (فيسرعون بالمشي) يجوز أن يعلم بالواو؛ لأني رأيت في بَعْضِ الشروح أن الراكب يُحَرِّك دابته، أما الماشي فَلاَ يعدو وَلاَ يرمل.

وقوله: (إلى الجمرة الثَّالِثَةِ) المراد منها: جمرة العقبة وإنما تسمى الثَّالثة؛ لأن السائرين من مني إلى مَكَّة يتعدون جمرتين قَبْلَهَا، ثم ينتهون إلَيْهَا، فهي الثالثة بالإِضَافَةِ إلى مِنَى، وقد ذكرنا أنها منحرفة عن مَتْنِ الطَّرِيقِ، والجمرتان قبلها على متنه.

وقوله: (ثم يحلقون وينحرون) قدم ذكر الحلق؛ لكن المستحب أن يكون النَّحْرُ مقدماً على الحَلْقِ كما سَيَأْتِي -إن شاء الله تعالى-.

قال الغزالي: وَللْحَجِّ تَحَلُّلاَنِ يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَالآخَرُ بِالرَّمْيِ، وَأَيُّهُمَا قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ فَلاَ بَأْسَ، وَيحِلُّ بَيْنَ التَّحَلُّلَينِ اللُّبْسُ وَالْقَلَمُ، وَلاَ يَحِلُّ الجِمَاعُ، وَفِي التَّطَيُّبِ وَالنِّكَاح وَاللَّمْسِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ قَوْلاَنِ، وإن جَعَلْنَا الحَلْقِ نُسُكاً صَارَتِ الأَسْبَابُ ثَلاثةً فَلاَ يَحْصُلْ أَحَدُ التَّحَلُّلَيْنِ إِلاَّ بِاثْنَيْنِ أَيِّ اثْنَيْنِ كَانَا، وَيَدْخُلُ وَقْتُ التَّحَلُّلِ بِانْتِصَافِ (ح م) لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَوَقْتُ فَضِيلَتِهِ بِطُلُوعِ الفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَفِي كَوْنِ الحَلْقِ نُسُكًا قَوْلاَنِ، وَلاَ خِلاَفَ أنَّهُ مُسْتَحَبٌّ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، فَإِنْ جُعِلَ نُسُكاً جَازَ (م ح) البَدَاءَةُ بِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ، وَفَسَدَتِ العُمْرَةُ بِالجِمَاعِ قَبْلَ الحَلْقِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ لَمْ يَتِمَّ دُونَهُ، وَإذَا تَرَكهُ لَمْ يَنْجَبِرْ بِالدَّمِ لِأَنَّ تَدَارُكَهُ مُمْكِنٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعَرٌ فَيُسْتَحَبُّ (ح) إِمْرَارُ المُوسَى عَلَى الرَّأس، وَلاَ يَتِمُّ هَذَا النُّسُكُ بِأَقَلَّ مِنْ حَلْقِ ثَلاَثِ (م ح) شَعَرَاتٍ مِنَ الرَّأْس، وَيقُومُ التَّقْصِيرُ وَالنَّتْفُ وَالإحْرَاقُ مَقَامَ الحَلْقِ إِلاَّ إِذَا نَذَرَ الحَلْقَ، وَلاَ حَلْقَ عَلَى المَرْأَةِ، وُيسْتَحَبُّ لَهَا التَّقْصِيرُ.

قال الرافعي: لو ذهبت أراعي في الفَصْل ترتيب الكتاب، لم نظفر بالكَشْفِ الذي نَنْعَتُه، فاحتمل التقديم والتأخير، واعرف ثلاثة أَصول:

أحدها: أن قول الشَّافِعي -رضي الله عنه- اختلف في أن الحَلْقَ في وقته هل هو نُسُكٌ أمْ لاَ؟ فأحد القَوْلَيْنِ أنه لَيْسَ بِنُسُكٍ، وإنما هو استباحة مَحْظُورِ؟ لأن كل ما لو فعله قبل وقته لزمته الفدية، فإذا فعله في وقته كان استباحة كالطِّيب واللبس، وهذا لأنه يريد أن يتحلل فيتناول بعض ما حُظر عليه كما يتطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>