وهذه ترجمة جملية لهذه الوَظَائِفِ ومسائلها على التَّفْصِيلِ بين يَدَيْكَ.
وقوله في الكتاب:(وهذه سنة) مُعَلَّم بالميم، إن ثبت ما رواه بعض أصحابنا عن مالك أن الوقوف بالمَشْعَرِ الحَرَامِ وَاجِبٌ.
وقوله:(فيسرعون بالمشي) يجوز أن يعلم بالواو؛ لأني رأيت في بَعْضِ الشروح أن الراكب يُحَرِّك دابته، أما الماشي فَلاَ يعدو وَلاَ يرمل.
وقوله:(إلى الجمرة الثَّالِثَةِ) المراد منها: جمرة العقبة وإنما تسمى الثَّالثة؛ لأن السائرين من مني إلى مَكَّة يتعدون جمرتين قَبْلَهَا، ثم ينتهون إلَيْهَا، فهي الثالثة بالإِضَافَةِ إلى مِنَى، وقد ذكرنا أنها منحرفة عن مَتْنِ الطَّرِيقِ، والجمرتان قبلها على متنه.
وقوله:(ثم يحلقون وينحرون) قدم ذكر الحلق؛ لكن المستحب أن يكون النَّحْرُ مقدماً على الحَلْقِ كما سَيَأْتِي -إن شاء الله تعالى-.
قال الرافعي: لو ذهبت أراعي في الفَصْل ترتيب الكتاب، لم نظفر بالكَشْفِ الذي نَنْعَتُه، فاحتمل التقديم والتأخير، واعرف ثلاثة أَصول:
أحدها: أن قول الشَّافِعي -رضي الله عنه- اختلف في أن الحَلْقَ في وقته هل هو نُسُكٌ أمْ لاَ؟ فأحد القَوْلَيْنِ أنه لَيْسَ بِنُسُكٍ، وإنما هو استباحة مَحْظُورِ؟ لأن كل ما لو فعله قبل وقته لزمته الفدية، فإذا فعله في وقته كان استباحة كالطِّيب واللبس، وهذا لأنه يريد أن يتحلل فيتناول بعض ما حُظر عليه كما يتطيب.