للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفتح مقامه، وإن خرج غيرها كالدُّود والحَصَا والدم والريح، ففيه قولان:

أحدهما: لا ينتقض به الوضوء؛ لأن غير الفَرْج إنما يقام مقامه لضرورة أن الإنسان لا بد له من منفذ تنفصل فيه الفضلات المعتادة الَتي تخرج لا محالة ولا ضرورة في خروج غير المعتاد.

وأظهرهما: أنه ينتقض؛ لأنه منفذ تنتقض الطهارة بالمعتاد إذا خرج منه، فكذلك بغيره كالفرج الأصلي. ولو انفتحت الثقبة فوق المعدة، وقد إنسد السبيل المعتاد، أو تحت المعدة والمعتاد منفتح، فهل تنتقض الطهارة بالخارج المعتاد منها في الصورتين؟ فيه قولان: أصحهما: لا. أما في الصورة الأولى فلأن ما يخرج من فوق المعدة، أو من حيث يُحَاذيها لا يكون مما أحالته الطبيعة، لأن ما تحيله تلقيه إلى الأسفل، فهو إذًا بالقَيْءِ أشبه، وما في الثانية فلأن غير الفرج إنما يعطي حكمة، لضرورة أن الإنسان لا بد له من مسلك، فيقام المنفتح عند انسداد المعتاد مقامه، ولا انسداد. والثاني: ينتقض؛ لأن الخارج النجاسة المعتادة، ولا يضر في أن تتحول الثقبة التي تنفصل فيها الفضلات إلى مكان أعلى أو أسفل.

وهاتان الصورتان هما المجموعتان في قوله: "فإن كان فوق المعدة أو تحتها ولكن مع انفتاح المَسْلِك المعتاد" المعنى: فإن كان فوق المعدة (١) مع الانسداد أو تحتها ولكن مع الانفتاح، فإن قلنا: لا تنتقض الطهارة بخروج المعتاد في الصورتين فلا كلام، وإن قلنا: تنتقض، فهل تنتقض بخروج النادر، فيه القولان المذكوران في خروج النادر من ثقبة تحت المعدة مع انسداد السبيل المعتاد، وإن انتفى المعنيان، فلم يكن المعتاد منسدًّا، ولا المنفتح تحت المعدة، فلا انتقاض (٢) كالقيء والرعاف ونحوهما، ومتى حكمنا بالانتقاض فيتفرع عليه فروع: أحدها: هل يجوز الاقتصار في الخارج منه على الأحجار وما في معناها أم تتعين الإزالة بالماء؟ حكى صاحب الكتاب فيه ثلاثة أوجه:

أظهرها: أنه يتعين الماء؛ لأنه نادر والاقتصار على الحَجَرِ خارج عن القياس، فلا يكون في معنى السبيلين.

وثانيها: يجوز الاقتصار عليه؛ لأنه منفذ ألحق بالسبيلين في كون الخارج منه ناقضاً للطهارة، فكذلك في جواز الاقتصار على الحجر.


(١) في ط: المعتاد.
(٢) قال النووي: ذهب كثيرون من الأصحاب إلى أن فيه طريقين الثاني: على قولين، والمذهب: أن الريح من الخارج المعتاد، ومرادهم بتحت المعدة: ما تحت السرة وبفوقها: السرة ومحاذاتها وما فوقها -والله أعلم- الروضة (/ ١/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>