للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إذا ورثه فعليه إرْسَاله، فإن بَاعَهُ صَحَّ، ولا يسقط عنه ضمان الجَزَاءِ حتى لو مات في يَدِ المُشْتَرِي يجب الجَزَاءُ على البَائِعِ، وإنما يسقط عنه إذا أرسله المشتري.

وإن قلنا بأنه لا يرث فالملك في الصَّيْدِ لسائر الورقة، وإحرامه بالإضافة إلى الصَّيْدِ مانع من مَوَانِعِ الميراث.

كذا أورده أبو سَعِيد المتولي، وذكر أبو القَاسِم الكَرْخُي على هذا الوجه أنهُ أحق به، فيوقف حتى يتحلل فيتملكه (١).

ولو اشترى صيداً من إِنْسَانٍ ووجد به عيباً وقد أحرم البَائِع، فإن قلنا: يملك الصيد بالإرْثِ يُرَدُّ عليه، وإلا فوجهان؛ لأن منعَ الردِ إضرارٌ بالمشتري.

ولو باعَ صَيْداً وهو حَلالٌ، وأحرم ثم أفلس المشتري بالثمن لم يكن له الرُّجوعُ على الأَصَحِّ؛ كالشراء والاتّهاب بخلاف الإِرْث، فإنه قهري.

ولو ستعار المحرم صيداً أو أودع عنده كان مضموناً بالجزاء عليه، وليس له التعرض له، فإن أرسله سقط عنه الجَزَاءُ، وضمن القيمة للمالك، وإن رَدَّهُ إلى المالك لم يسقط عنه ضَمَانُ الجزاء ما لم يرسله المالك (٢) وحيث صار الصيد مضموناً على المحرم بالجزاء، فإن قَتَلَهُ حَلاَلٌ في يده فالجزاء على المحرم، وإن قتله محرم آخر، فهل الجزاء عليهما أو على القاتل، ومن في يده طريق؟ فيه وجهان (٣).

قال الغزالي: وإنْ أخَذَ صَيْداً لِيُدَاوِيَهُ كَانَ وَدِيعَةً (ح)، وَالنَّاسِي كَالعَامِدِ فِي الجَزَاءِ لاَ في الإِثْمِ، وَلَوْ صَالَ عَلَيْهِ صَيْدٌ فَلاَ ضَمَانَ في دَفْعه، وَلَوْ أَكَلَهُ في مَخْمَصَةٍ ضَمِنَ، وَلَوْ عَمَّتِ الجَرَادُ المَسَالِك فَتَخَطَّاهُ المُحْرِمُ فَفِيهِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: في هذه البقية صور:

إحداها: لو خلَّص المحرم صيداً من فَمِ هِرَّةٍ أو سبع، أو مِن شِقِّ جِدَارٍ أو أخذه


(١) قال النووى: هذا المنقول عن أبي القاسم الكرخي، هو الصحيح، بل الصواب المعروف على المذهب، وبه قطع الأصحاب في الطريقين. فممن صرح به الشيخ أبو حامد، والدارمي، وأبو علي البندنيجي، والمحاملي في كتابيه، والقاضي أبو الطيب في "المجرد"، وصاحب "الحاوي"، والقاضي حسين، وصاحبا "العدة" و"البيان". قال الدارمي: فإن مات الوارث قبل تحلله، تام وارثه مقامه. ينظر الروضة (٢/ ٤٢٦).
(٢) قال النووي: نقل صاحب "البيان" في باب العاريَّة، عن الشيخ أبي حامد: أن المحرم إذا استودع صيداً لحلال، فتلف في يده، لم يلزمه الجزاء، لأنه لم يمسكه لنفسه. ينظر: الروضة الطالبين (٢/ ٤٢٧).
(٣) قال النووي: أصحهما الثاني ينظر روضة الطالبين (٢/ ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>