بالعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ يَتَضَمَّنُ انْقِلاَبَ العَبْدِ المُسْلِمِ إِلَى الكَافِرِ عَلَى أَظْهَرِ المَذْهَبَيْنِ؛ لِأَنَّ المِلْك فِيهِ قَهْرِيٌّ كَمَا في الإِرْثِ.
قال الرافعي: إسلام البائع والمشتري ليس بشرط في صحة مطلق البيع والشراء، لكن لو اشترى الكافر عبداً مسلماً ففي صحَّته قولان:
أصحهما: وبه قال أحمد وهو نصه في "الإملاء": أنه لا يصح، لأن الرِّقَّ ذل، فلا يصح إثباته للكافر على المسلم كما لا ينكح الكافر المسلمة.
والثاني: وبه قال أبو حنيفة: أنه يصح؛ لأنه طريق من طرق المِلْك، فيملك به الكافر على المسلم كالإرْث. والقولان جاريان فيما لو وهب منه عبد مسلم فقبل، أو وصى له بعبد مسلم، قال في "التَّتمة": هذا إذا قلنا: الملك في الوصية يحصل بالقبول.
فإن قلنا: يحصل بالموت ثبت بلا خلاف كالإرث، ولو اشترى مصحفاً أو شيئاً من أخبار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ففيه طريقان:
أحدهما: وبه أجاب في الكتاب: طرد القولين:
وأظهرهما: القطع بالبطلان، والفرق أن العبد يمكنه الاستغاثة ودفع الذل عن نفسه.
قال العراقيون: والكتب التي فيها آثار السَّلف -رضي الله عنهم- كالمصحف في طرد الخلاف، ولا منع من بيع كتب أبي حنيفة من الكافر لخلوها من الآثار والأخبار.
وأما كتب أصحابه -رضي الله عنهم- فمشحونة بها فحكمها حكم سائر الكتب المشتملة عليها، وامتنع المَاوِرْدِيُّ في "الحَاوِي" من إلحاق كتب الحديث والفقه بالمصحف، وقال: إن بيعها منه صحيح لا محالة.
وهل يؤمر بإزالة الملك عنها؟ فيه وجهان (١):
التفريع: إن قلنا: لا يصح شراء الكافر العبد المسلم، فلو اشترى قريبه الَّذي يعتق عليه كأبيه وابنه ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح أيضاً، لما فيه من ثبوت الملك للكافر على المسلم.
وأصحهما: الصحة، لأن الملك المستعقب للعِتْق شاء المالك أو أبى ليس بإذلال، أَلاَ تَرَى أن للمسلم شراء قريبه المسلم، ولو كان ذلك إذلالاً لما جاز له إذلال
(١) الخلاف في بيع العبد والمصحف والحديث والفقه إنما هو في صحة العقد، مع أنه حرام بلا خلاف. ينظر روضة الطالبين (٣/ ٧).