وقال الأَنْمَاطِيُّ: لا يصح، لأن ما كان شرطاً في العقد ينبغي أن يوجد عنده كالقدرة على التسليم في البيع والشهادة في النكاح، والمذهب الأول. واحتج الإِصْطَخْرِي على الذَّاب عن الأَنْمَاطِي في المسألة، فقال: أرأيت لو كان في يده خاتم فأراه غيره حتى نظر إلى جميعه ثم غطاه بكفه ثم باعه منه هل يصح؟
قال: لا، قال: أرأيت لو دخل داراً، ونظر إلى جميع بيوتها، وعلا إليها ثم خرج منها واشتراها هل يصح؟ قال: لا، قال: أرأيت لو دخل أرضاً ونظر إلى جميعها، ثم وقف في ناحية منها واشتراها، هل يصح؟ فتوقف فيه، ولو ارتكبه لكان مانعاً بيع الأراضي والضِّيَاع التي لا تشاهد دفعة واحدة فإنه خلاف الإجماع.
ثم إذا صَحَّحنا الشراء، فإن وجده كما رآه أوَّلاً فلا خيار له، وإن وجده متغيراً فقد حكى المصنف: فيه وجهين في "الوسيط".
أحدهما: أنه يَتبيَّن بطلان العَقْد لتبين انتفاء المعرفة.
وأصحهما: وهو الذي أورده الجمهور: أنه لا يتبين ذلك لبناء العقد في الأصل على ظَنّ غالب ولكن له الخيار.
قال الإمام: وليس المعنى بتغيره تعيبه، فإن خيار العيب لا يختص بهذه الصورة، ولكن الرؤية بمثابة الشَّرط في الصِّفات الكائنة عند الرؤية، وكل ما فات منها فهو بمثابة ما لو تبيَّن الخلف في الشرط.
وإن كان المبيع ممَّا يتغير في مثل تلك المدّة غالباً، كما إذا رأى ما يتسارع إليه الفساد من الأطعمة، ثم اشتراه بعد مدة صالحة فالبيع باطل، وإن مضت مدة يحتمل أن يتغير فيها ويحتمل ألاّ يتغير أو كان المبيع حيواناً ففيه وجهان:
أحدهما: أنه لا يصح البيع لما فيه من الغَرَر، ويحكى هذا عن المزني. وعن ابن أبي هريرة.
وأصحهما: الصحة، لأن الظَّاهر بقاؤه بحاله، فإن وجده متغيراً فله الخيار، وإذا اختلفا فقال البائع: هو بحاله، وقال المشتري: بل تغير، فوجهان:
أحدهما: أن القول قول البائع؛ لأن الأصل عدم التغير واستمرار العَقْد.
وأظهرهما: وهو المحكى عن نصه في "الصرف": أن القول قول المشتري مع يمينه؛ لأن البائع يدعى عليه الاطِّلاع على المبيع على هذه الصفة، والرِّضَا به وهو ينكره، فأشبه ما إذا ادَّعَى عليه الاطِّلاعَ على العَيْب وأنكر المشتري.
والثَّاني: اسْتِقْصَاء الأَوْصاف على الحد المعتبر في السَّلم، هل يقوم مقام الرُّؤْية؟ وكذا سماع وصفه بطريق التَّوَاتر فيه وجهان: