قال الرَّافِعِيّ: مقصود الفصل بيان القاعدة المعروفة بـ "مُدّ عَجْوَة" ثم يتصل بها ما يناسبها والقدر الذي تشترك فيه مسائل الفصل أن تَشْتَمل الصَّفقة على مال الرِّبَا من الجانبين، ويختلف مع ذلك أحد العِوَضَين أو كلاهما جنساً أو نوعاً أو صفة، ثم لا يخلو إما أن يكون مال الربا من الجانبين من جنس واحد أو من جنسين.
القسم الأول: أن يكون مال الربا من الجانبين من جنس واحد، وفيه تقع القاعدة المقصودة.
فمن صوره أن يختلف الجنس من الطرفين، أو من أحدهما كما إذا باع مُدّ عَجْوة ودرهماً بمُدّ عَجْوة، ودرهمْ أو بمُدَّي عَجْوة، أو بدرهمين، أو باع صاع حِنْطة وصاع شعير بصاع حِنْطة وصاع شعير أو بِصَاعَي حِنْطَة، أو صاعي شعير.
ومن صوره أن يختلف النَّوع والصِّفة من الطريقين أو أحدهما كما إذا باع مُدّ عَجْوة ومُدّ صَيْحَانِيّ (١) بمدي عجوة أو بمدي صَيْحَانِيّ، أو بمدي عجوة أو بمدي صيحاني، أو باع مائة دينار جيد ومائة دينار رديء، بمائتي دينار جيد أو رديء أو وسط أو مائة جيدة ومائة رديئة، فلا يصح البيع في شيء من هذه الصور ونظائرها.
لما روي عن فضالة بن عبيد قال: "أُتِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ بِخَيْبَرَ بِقِلاَدَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ تُبَاعُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلاَدَةِ فَنُزعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الذَّهَبِ وَزْناً بِوَزْنٍ.
(١) قال الجوهري: العجوة تمر وهو من أجود تمر المدينة والصيحاني منه كما قاله الأزهري.