للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان لما بينا أن إلتقاء الختانين غير معتبر (١) بعينه، والإيلاج في كل فرج في معناه، ولو اقتصر على قوله: "والجنابة وحصولها بإيلاج قدر الحشفة" في أي فرج كان حصل الغرض، ودخل فيه التقاء الختانين إلا أن التقاء الختانين هو الأصل الذي ورد فيه الخبر، فقدمه ثم بين أن كل جماع في معناه وفي قوله: "قدر الحشفة" إشارة إلى ما سبق أن المرعي مقدار الحشفة لا عينها: وليكن معلماً بالواو للخلاف الذي حكيناه، ثم قوله: "أو إيلاج قدر الحشفة" يتناول ظاهره ما إذا لف خرقة على ذكره وأولج، وكذلك التقاء الختانين، لأن المراد منه التحاذي، فهل هو كذلك أم لا تحصل الجنابة حينئذ فيه ثلاثة أوجه:

أظهرها: أنه تحصل الجنابة لما سبق من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وروى أنها قالت قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ" (٢) والالتقاء ينتظم بهذه الصورة، ولا يخلو عن قضاء شهوة أيضاً.

والثاني: لا يحصل، لأن اللذة إنما تكمل عند ارتفاع الحجاب.

والثالث: أنه إن كانت الخرقة لينة حصلت الجنابة، وإلا فلا لأن اللينة لا تمنع [من] (٣) حصول اللذة بخلاف الخشنة، والخشنة هي التي تمنع وصول بلل الفرج للذكر ووصول الحرارة من أحدهما إلى الآخر، واللينة ما لا تمنع (٤) وكل هذا فيما إذا جرى الإيلاج، وهما واضحا الحال أما إذا كان مشكلين وأولج (٥) أحدهما في فرج الآخر فلا جنابة، ولا حدث لجواز كونهما امرأتين أو رجلين وكذا لو أولج كل واحد منهما في فرج الآخر، وإن أولج كل واحد منهما في دبر الآخر، فلا جنابة أيضاً لجواز كونهما امرأتين، ولكن بالنزع يحدثان لأن خروج الخارج من السبيلين ينقض الوضوء (٦) وإن أولج أحدهما في دبر الآخر انتقض وضوء المولج في دبره لهذا المعنى، وإن أولج أحدهما في فرج الآخر وأولج الآخر في دبر الأول فلا جنابة أيضاً لاحتمال كونهما امرأتين، لكنهما على هذا التقدير يحدثان بالنزع لخروج الخارج من قبل أحدهما ودبر الثاني، وعلى غير هذا التقدير هما جنبان، فيحكم بثبوت أدنى المحدثين، ولو كان


(١) في ط: معنى.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في ط.
(٤) قال النووي: قال صاحب (البحر): وتجري هذه الأوجه في إفساد الحج به، وينبغي أن تجري في جميع الأحكام -والله أعلم- الروضة (١/ ١٩٤).
(٥) في ط: فأولج.
(٦) قال النووي: وكذا إذا نزع من قبله، وقلنا المنفتح تحت المعدة ينتقض الخارج منه مع انفتاح الأصلي -والله أعلم- الروضة (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>