للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: لو شرط أن لا يسلم المبيع حتى يستوفي الثمن، نظر إن كان مؤجلاً بطل العقد، وإن كان حالاً بني على أن البَدَاءَة في التسليم بمن، فإن جعلنا ذلك من قضايا العقد لم يضر ذكره، وإلاَّ فسد العقد.

ومنها: لو قال: بعتك هذه الصُّبْرَة كل صاع بدرهم على أن أزيدك صَاعاً، فإن أراد هبة صاع أو بيعه من مَوْضِعٍ آخر فهو باطل؛ لأنه شرط عقد في عقد، وإن أراد أنها إن خرجت عشرة آصُعٍ أخذت تسعة دراهم فإن كانت الصيعان مجهولة لم يصح، لأنه لا يدري حصة كل صاع، وإن كانت معلومة صح، فإن كانت عشرة فقد باع صاعاً وتُسعاً بدرهم ولو قال: بعتك هذه الصُّبْرَة كل صاع بدرهم على أن أنقصك صاعاً، فإن أراد رد صاع إليه فهو فاسد؛ لأنه شرط عقد في عقد، وإن أراد أنها إن خرجت تسعة آصع أخذت عشرة دراهم، فإن كانت الصِّيْعَان مجهولة لم يصح، وإن كانت معلومة صح، وإذا كانت تسعة آصُعٍ فيكون كل صاع بدرهم وتسع.

وعن صاحب "التقريب": أنه لا يصح في صورة العلم أيضاً، لأن العبارة لا تُنْبئ عن المجمل المذكور، ولو قال: بعتك هذه الصُّبْرَة كل صاع بدرهم، على أن أنقصك صاعاً أو أزيدك صاعاً، ولم يبيّن إحدى الجهتين فهو باطل.

ومنها: لو باع قطعة أرض على أنها مائة ذراع، فخرجت دون المائة ففيه قولان:

أحدهما: بطلان البيع؛ لأن قضية قوله: بعتك هذه الأرض أن لا يكون غيرها مبيعاً، وقضية الشرط أن لا تدخل بالزيادة في البيع، فوقع التضاد وتعذّر التصحيح.

وأظهرهما وقطع به قاطعون: أنه صحيح تغليباً للإشارة وتنزيلاً لخلف الشرط في المقدار منزلة خلفه في الصِّفات، وبهذا قال أبو حنيفة، فعلى هذا للمشتري الخيار بين الفسخ والإِجَازة، ولا يسقط خياره بأن يحطّ البائع من الثمن قدر النقصان، وإذا أجاز فيجيز بجميع الثمن قدر النقصان أو بالقسط، فيه قولان كما في تفريق الصفقة، لكن الأظهر هاهنا، أنه يجيز بجميعه؛ لأن المتناول بالإشارة تلك القِطْعَة لا غير، ولو كانت المَسْألة بحالها، وخرجت القطعة أكثر من المائة، ففي صحة البيع قولان أيضاً إن صححناه. فالمشهور: أن للبائع الخيار، فإن أجاز كانت كلها للمشتري ولا يطالبه للزيادة بشيء. وفيه وجه آخر اختاره صاحب "التهذيب": أنه لا خيار للبائع، ويصح البيع في الكُلِّ بالثمن المسمى، وينزل شرطه منزلة ما لو شرط كون المبيع مَعِيباً فخرج سليماً لا خيار له.

فعلى المَشْهور لو قال المشتري: لا نفسخ فإني أقنع بالقدر المشروط سابقاً والزيادة لك، فهل يسقط خيار البائع؟ فيه قولان عن رواية صاحب "التقريب" وغيره:

<<  <  ج: ص:  >  >>