بأرخص، وفي معناه الشراء على الشراء، وهو أن يدعو البائع إلى الفسخ ليشتريه منه بأكثر. ولا شك أن ذلك إنَّمَا يكون عند إمكان الفسخ.
ثم الشافعي -رضي الله عنه- صوره فيما إذا كان المُتَبَايعان في مجلس العقد بعد، وعليه جرى كثير من الشارحين، ونقلوا عن أبي حنيفة أن المراد من البيع على البيع هو السَّوْم؛ لأن عنده خيار المجلس لا يثبت، فلا يتصور البيع على البيع.
وقال قائلون: مُدَّة الخِيَار المشروط كزمان المجلس، وهذا هو الوجه.
وقوله في الكتاب: "وقيل: اللزوم" يبطل الخيارين جميعاً.
وشرط القاضي ابن كَجٍّ لتحريم البيع على البيع شرطاً، وهو أن لا يكون المشتري مَغْبُوناً غبناً مفرطاً، فإن كان فله أن يعرفه ويبيع على بيعه، لأنه ضرب من النَّصيحة.
قالوا: ولو أَذِنَ البائع في البيع على بيعه، ارتفع التحريم خلافاً لبعض الأصحاب.
وثالثها: عن ابن عمر "أَنْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ النَّجَشِ" (١).
وصورته: أن يزيد في ثمن السِّلْعة المعروضة للبيع وهو غير راغب فيها ليخدع الناس ويرغبهم فيها فهو محرم؛ لما فيه من الخديعة، لكن لو انخدع إنسان واشتراها صح العقد، ولا خيار له إن لم يكن ما فعله النَّاجش عن مُوَاطَاَة البائع، وإن كان عن مواطأته فوجهان:
أحدهما، وبه قال أبو إسحاق: أنه يثبت الخيار لِلتَّدْلِيس كما في التَّصْرَية.
وأشبههما عند الأئمة، وبه قال ابن أبي هريرة: أنه لا خيار؛ لأن التفريط من جهته حيث اغتَرَّ بقوله ولم يحتط بالبحث عن ثقات أهل الخبرة، وتخالف سورة التَّصرية إذ لا تفريط من المشتري.
وقد حكى صاحب الكتاب هذين الوجهين في فصول خيار النَّقيصة، وجعل وجه ثبوت الخيار أقيس.
ولو قال البائع: أعطيْتُ بهذه السِّلْعة كذا، فصدّقه المشتري واشتراه ثم بَانَ خلافه، فإن ابن الصَّبَّاغ خَرَّج ثبوت الخيار له على هذين الوجهين.
وعن مالك: أن شراء المُنْخَدع في صورة النَّجَش غير صحيح، وهو رواية عن أحمد ضعيفة.
واعلم: أن الشافعي -رضي الله عنه- أطلق القول في "المختصر" بَتَعْصِية
(١) أخرجه البخاري (٢١٤٢) (٦٩٦٣) ومسلم (١٥١٦).