ولكن أن تقول: سنذكر أن تفصيل الثَّمَن مِنْ أسباب تعدد العقد، وإذا تعدد وجب القضاء بالصحة على التعليلين.
إذا تقرر ذلك فاعْلَم: أنَّ قوله: "والأصح أن الفساد مقصور على الفاسد ... " إلى آخره توسط بين القولين، وترجيح لقول الصحة في المملوك إذا كان المبيع ممَّا يتوزع الثمن على أجزائه، ولقول الفساد فيما إذا كان المبيع مما يتوزع الثمن على قيمته، وهذا قد اختاره صاحب الكتاب في آخرين، لكن الأكثرين لم يفرقوا بين الحالتين ورجحوا الصحة على الإطلاق -والله أعلم-.
قال الرافعي: مقصود الفصل: التفريع على قولي تفريق الصَّفقة من أصلهما، والرأي أن نفرد كل مرتبة بالذكر، فنقول: إذا باع ماله ومال غيره صفقة واحدة وصححنا البيع في ماله نظر، إن كان المشتري جاهلاً بالحال فله الخيار؛ لأنه دخل في العقد على أن يسلم له كل المبيع ولم يسلم، فإن أجاز فكم يلزمه من الثمن؟ فيه قولان:
أحدهما: جميعه. لأنه لَغَا ذكر المضموم إلى ماله، فيقع جميع الثمن في مقابلة ما صح العقد فيه.
وأصحهما وبه قال أبو حنيفة: أنه لا يلزم إِلاَّ حصَّة المملوك من الثمن إذا وزع على القيمتين؛ لأنه أوقع الثَّمَن في مقابلتهما جميعاً، فلا يلزم في مقابلة أحدهما إلا قسطه، وما موضع القولين؟
قال قائلون: موضعهما أن يكون المبيع مما يتقسَّط الثَّمَن على قيمته، فإن كان مما يتقسط على أجزائه على ما مر نظائره، فالواجب قسط المملوك من الثمن قولاً واحداً، والفرق أن المصير إلى التقسيط هاهنا لا يورث جهالة في الثمن عند العقد وثَمَّ بخلافه، ومنهم من طرد القولين وهو الأظهر، لأن الشافعي -رضي الله عنه- نصّ على قولين فيما إذا باع الثِّمَار بعد وجوب العشر فيها، وأفسدنا البيع في قدر الزكاة دون غيره، أن الواجب جميع الثمن أو حصته.
فإن قلنا: الواجب جميع الثمن فلا خيار للبائع إذا ظفر بما ابتغاه.
وإن قلنا: الواجب القسط فوجهان:
أحدهما: أن له الخيار إذا لم يسلم له جميع الثمن.
وأصحهما: أنه لا خيار له؛ لأن التفريط من حيث باع ما لا يملكه وطمع في