فالمُحَاباة بخمسة، والحاصل من ذلك كله: المستقر في يد الأول أربعة عشر مثلاً محاباة سبعة، وفي يد الثاني عشرة مثلاً محاباة خمسة، ولو كانت المَسْألة بحالها والقَفِيز الجيد يساوي ثلاثين فنقول: صَحَّ البيع في شيء منه، ورجع إليه من الثمن مثل ثلث ذلك الشيء، فبقي في يده ثلاثون إلاَّ ثلثي شيء، وفي يد الآخر عشرة وثلثا شيء، فإذا تقايلا أخذنا ثلاثة عشر وثلثي شيء، وذلك ثلاثة دراهم وثلث وتسعا شيء يضم إلى مال الأول، فيصير ثلاثة وثلاثين وثلثا إلاَّ أربعة أتساع شيء، وهو مثلا المُحَاباة وهي ثلثا شيء، فيكون مثل شيء وثلث شيء، فإذا جبرنا وقابلنا صار ثلاثة وثلاثون وثلث مثل شيء، وسبعة أتساع شيء، فعلمنا أَنَّ ثلاثة وثلاثين يجب أن تقسم على شيء وسبعة أتساع شيء، فيبسط هذا المبلغ أتساعاً، يكون ستَّة عشر يكون الشيء منه تسعة، والعدد المذكور لا ينقسم على ستة عشر، فنصحح السِّهَام بأن نجعل كل عشرة ثلاثة؛ لأن الزَّائد على الثلاثين، ثلاثة وثلث وذلك ثلث العشرة، وإذا فعلنا ذلك صارت ثلاثة وثلاثون وثلث عشرة أسهم يحتاج إلى قسمتها على ستة عشر، وعشرة لا تنقسم على ستة عشر، لكن بينهما موافقة بالنصف، فنضرب جميع أحدهما في نصف الآخر تكون ثمانين، فنرجع إلى الأصل ونقول: الثلاثون التي كانت قيمة القَفِير صارت اثنين وسبعين، لأَنَّا ضربنا كُلَّ ثلاثة وهي سهام العشرة في ثمانية، فصارت أربعة وعشرين، فتكون الثَّلاَثون اثنين وسبعين، والشيء كان تسعة من ستة عشر صار مضروباً في نصف العشرة وهي خمسة فيكون خمسة وأربعين، وذلك خمسة أثمان اثنين وسبعين، فعرفنا صحة البيع في خمسة أثمان القفيز الجيد. فإن أردنا التَّصْحيح على الاختصار من غير كسر جعلنا القفيز الجيد أربعة وعشرين ليكون القفيز الرديء هو ثلاثة وثمن صحيح، وقلنا: صح البيع في خمسة أثمان الجيد، وهي خمسة عشر بخمسة أثمان الرديء، وهي خمسة تكون المحاباة بعشرة، ويبقى في يد بائع الجيد أربعة عشر، تسعة بقيت عنده، وخمسة أخذها عوضاً، ويجعل في يد الآخر ثمانية عشر؛ لأنه أخذ خمسة عشر، وكان قد بقي عنده ثلاثة، فلما تقايلا نفذت الإقالة في تسعة، وهي ثلاثة أثمان الجيد بثلاثة أثمان الرديء وهي ثلاثة، فقد أعطى تسعة وأخذ ثلاثة تكون المُحَاباة بستة، فيستقر في يد الأول عشرون؛ تسعة أخذها بحكم الإقالة، وأحد عشر هي بقية الثمن، وقد بقيت عنده من أربعة عشر بعد رد الثلاثة، وذلك مثلاً محاباته بستة -والله أعلم-.
وحكى إمام الحرمين عن بعض مَنْ لقيه من أفاضل الحُسَّاب في الصورتين وأخواتهما تمهيد طريقة مبنية على أصول سهلة المأخذ.
منها: أنَّ القَفِيز الجيد في هذه المسائل يعتبر بالأثمان فيقدر ثمانية أسهم، وينسب الرديء إليه باعتبار الأثمان.