الأول؛ لأنه ما تلقى الملك منه، ولو حدث به عيب في يد المشتري الثاني ثم ظهر عيب قديم، فعلى تخريج ابن سريج: للمشتري الأول أخذ الأَرْشِ من بائعه كما لو لم يحدث عيب، ولا يخفى الحكم بينه وبين المشتري الثَّاني، وعلى الأصح ينظر إنْ قبله المشتري الأول مع العيب الحادث، خير بائعه فإن قبله فذاك، وإلاَّ أخذ الأَرْش منه.
وعن أبي الحسين: أنه لا يأخذه واسترداده رضا بالمعيب وإن لم يقبله، وغرم الأرْش للثَّاني ففي رجوعه بالأَرْش على بائعه وجهان:
أحدهما: لا يرجع، وبه قال ابن الحَدَّاد؛ لأنه ربما قبله بائعه، لو قبله هو فكان متبرعاً بغرامة الأرش.
وأظهرهما: أنه يرجع، لأنه ربما لا يقبله بائعه فيتضرر.
قال الشيخ أبو علي: يمكن بناء هذين الوجهين على ما سبق من المعنيين إن عللنا بالأول، فإذا غرم الأرض زال استدراك الظّلامة فيرجع، وإن عللنا بالثاني فلا يرجع؛ لأنه ربما يرتفع العَيْب الحادث فيعود إليه.
قال: وعلى الوجهين جميعاً لا يرجع ما لم يغرم للثاني، فإنه ربما لا يطالبه الثَّاني بشيء، فيبقى مستدركاً للظلامة.
ولو كانت المسألة بحالها، وتلف المَبِيع في يد المشتري الثَّاني، أو كان عبدًا فأعتقه، ثم ظهر العيب القديم رجع الثَّاني بالأَرْش على الأول، والأول بالأرش على بائعه بلا خلاف لحصول اليأس عن الرد، لكن هل يرجع على بائعه قبل أن يغرم المشتري؟ فيه وجهان مبنيان على المعنيين، وإن عللنا باستدراك الظلامة فلا يرجع ما لم يغرم وإن علّلنا بالثاني يرجع، ويجري الوجهان فيما لو أَبْرأه الثاني هل يرجع هو على بائعه؟
القسم الثاني من الأول: أن يعود إليه لا بطريق الرَّد، كما إذا عاد بِإِرْث أو اتِّهَاب أو قبول وَصِية أَوْ إِقَالة، فهل له رده على بائعه؟ فيه وجهان ذوا مأخذين:
أحدهما: البناء على المعنيين السَّابقين، إنْ عللنا بالأول لم يرد، وبه قال ابن الحداد؛ لأن استدراك الظّلاَمة قد حصل بالبيع، ولم يبطل ذلك الاستدراك بخلاف ما لو رد عليه بالعيب. وإن عللنا بالثاني يرد لزوال العذر وحصول القدرة على الرد، كما لو رد عليه بالعيب.
والثاني: أن الملك العائد هل ينزل منزلة غير الزائل؟
ففي جواب: نعم؛ لأنه عين ذلك المال وعلى تلك الصفة. وفي جواب: لا؛ لأنه ملك جديد والملك نقص لذلك، وهذا أصل يخرج عليه مسائل:
منها: لو أفلس بالثمن وقد زال ملكه عن المَبِيع وعاد، هل للبائع الفسخ؟