للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إباق، ولو عرف العيب بعد تَزْوِيج الجارية أو العبد، ولم يرض البائع بالأَخْذ، قطع بعضهم بأن المشتري يأخذ الأرش هاهنا. أما على المعنى الأول فظاهر.

وأما على الثاني؛ فلأن النكاح يراد للدوام، فاليأس: حاصل واختار القاضي الرُّويَانِيُّ وصاحب "التتمة" ما ذكروه، ولو عرفه بعد الكتابة، ففي "التتمة" أنه كالتزويج.

وذكر الماوردي: أنه لا يأخذ الأرش على المعنيين، بل يصبر؛ لأنه قد استدرك الظلامة بالنجوم، وقد يعود إليه بالعجز فيرده.

والأظهر: أنه كالرهن، وأنه لا يحصل استدراك بالنُّجُوم.

وقوله في الكتاب: "فله الأَرْش، وهو الرجوع إلى جزء من الثمن" لا يعود وقوله: هو إِلَى الأَرْش، فإن الأرش ليس هو الرجوع إلى الثمن، وإنما هو جزء من الثمن، بل المعنى أن استحقاق الأرش هو الرجوع إليه.

وقوله: "ولا يمتنع طلاب الأَرْش في الحال لتوقّع عود الملك"، معناه: أنا لا نقول بامتناع طلب الأَرْش بسبب هذا التوقع، لا أنه تعليل لعدم الامتناع، ثم اعلم: أن طريقة الجمهور بناء طلب الأرش في الحال، والرد عند العود على المعنيين كما حكيناها مهذبة، وصاحب الكتاب وشيخه بنيا الرد عند المآل على أن الزَّائل العائد كالَّذي لم يزل أو كالذي لم يعد، وبنيا أخذ الأرش في الحال على الرد في المآل، إن لم يَجُز الرد في المآل جاز أخذ الأرش في الحال، وإن جاز ففي الأرش في الحالة للحيلولة وجهان كالقولين في شهود المآَل إذا رجعوا، هل يغرمون للحيلولة؟

ومثل هذا التصرف محمود في الفقه، لكن الذهاب إلى أنَّ طلب الأَرْش في الحال جائز خلاف المذهب المشهور.

فاعرف ذلك، وقد أجاب صاحب الكتاب فيما إذا وجد بالشِّقْصِ عيباً بعد أخذ الشّفيع بأنه لا أرش له، على خلاف ما رجحه هاهنا والخلاف واحد -والله أعلم-.

قال الغزالي: (الثَّالِثُ): القصير بَعْدَ مَعْرِفَةِ العَيْبِ سَبَبُ بُطْلاَنِ الْخِيَارِ وَفَوَاتِ المُطَالَبَةِ بالأَرْشِ لِتَقْصِيرِهِ، وتَرْكُ التَّقْصِيرِ بِأَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فِي الوَقْتِ إِنْ كَانَ حَاضِراً، وَإِنْ كَانَ غَائِباً أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَإنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ عِنْدَ القَاضِي.

قال الرافعي: الرَّد بالعَيْبِ على الفور (١)، ويبطل بالتأخير من غير عذر؛ لأن


(١) هذا محله في المبيع المعين، أما الموصوف إذا قبض وظهر به عيب فإن قلنا: لا يملك إلا بالرضا فلا يعتبر الفور إذ الملك موقوف على الرضا. وإن قلنا: يملك بالقبض فيجوز أن يقال أنه على الفور والأوجه المنع. قاله الإمام ونقله الرافعي عنه في باب الكتابة ولم يخالفه وعلله الإمام بأنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>