وأصحهما: نعم، كالمُسَلَّم فيه إذا خرج معيباً، وهذا لأن القبض الأول صحيح، إذ لو رَضِيَ به جاز، والبدل مأخوذ، فقام مقام الأول، ويجب أخذ البَدَل قبل التّفرق عن مجلس الرَّد.
وإن خرج البعض كذلك وقد تفرقا، فإن جوزنا الاسْتِبْدَال استبدله، وإلاَّ فهو بالخِيَار بين فسخ العقد في الكل والإجازة، وهل له الفسخ في ذلك القدر والإجازة في الباقي؟ فيه قولا التفريق.
ورأس مال السَّلَم حكمه حكم عوض الصَّرف، ولو وجد أحد المُتَصَارفين بما أخذ عيباً بعد تلفه، أو تبايعا طعاماً بطعام، ثم وجد أحدهما بالمَأْخوذ عيباً بعد تلفه، نظر إنْ ورد العقد على معَينين، أو على ما في الذِّمة وَعُين، وقد تفرقا ولم نُجَوِّز الاستبدال، فإن كان الجنس مختلفاً فهو كبيع العرض بالنّقد، وإن كان متفقاً ففيه الخلاف الذي سبق في مسألة الحُلِيّ، وإنْ ورد على ما في الذِّمة ولم يتفرّقا بعد غُرْم ما تلف عنده ويتسبدل، وكذا إنْ تفرقا وجوزنا الاستبدال.
ولو وجد المُسلّم إليه برأس مال السّلم عيباً بعد تَلَفِهِ عنده، فإن كان مُعيناً أو في الذمة وعين وقد تفرّقا ولم نجوّز الاستبدال، فيسقط من المُسلّم فيه بقدر نُقْصان العيب من قيمة رأس المال، وإن كان في الذّمة وهما في المجلس يقوم التالف ويستبدل، وكذا لو كان بعد التَّفرق إذا جوزنا الاستبدال.
الثاني: باع عَبْداً بألف وأخذ بالألف ثوباً، ثم وجد المشتري بالعبد عيباً ورده.
فعن القاضي أبي الطَّيِّب: أنه يرجع بالثوب؛ لأن الثوب إنما مَلَكه بالثمن، وإذا فسخ البيع سقط الثمن عن ذمة المشتري فيفسخ بيع الثوب به.
وقال الأكثرون: يرجع بالأَلْفِ، لأن الثَّوب مملوكٌ بعقد آخر، ولو مات العبد قبل القبض وانفسخ البيع.
قال ابن سُرَيجٍ: يرجع بالأَلْف دون الثوب؛ لأن الانْفِسَاخ بالتَّلَف يقطع العقد ولا يرفعه من أصله وهو الأصح. وفيه وجه آخر.
الثالث: باع عصيراً حُلْواً فوجد المشتري به عيباً بعد ما تَخَمَّر، فلا سبيل إلى ردِّ الخَمْر، لكن يأخذ الأَرْش فإن تخلَّل فللبائع أنْ يسترده، ولا يدفع الأَرْش. ولو اشترى ذِمِّي خمراً من ذمي ثم أَسْلما، وعرف المشتري بالخَمْر عيباً استرد جزءاً من الثمن على سبيل الأَرْش ولا رد، ولو أسلم البائع وحده فلا رَدَّ أيضاً، ولو أسلم المشتري وحده فله الرد قاله ابْنُ سُرَيجٍ، وعلّله بأن المُسَلّم لا يتملّك الخمر، ولكن يُزيل يده عنه.