للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما به، بأن يحيل المسلم إليه بحقه على مَنْ له عليه دين قرض أو إتلاف.

وإما عليه، بأن يحيل المسلم من له عليه دين قرض أو إتلاف على المسلم إليه، فيه ثلاثة أوجه:

أصحها: لا، لما فيه من تبديل المسلم فيه بغيره.

والثاني: نعم، تخريجاً على أن الحِوَالة استيفاء وإيفاء لا اعتياض.

والثالث: لا تجوز الحوالة عليه؛ لأنها بيع سلم بدين، وتجوز الحَوَالة به على القرض ونحوه؛ لأن الواجب على المسلم إليه توفير الحق على المسلم، وقد فعل هكذا. حكى الوجه الثالث إمام الحرمين وهو حاصل ما رواه القاضي ابن كج عن أبي علي الطَّبَرِي، وأبي الحسين بعد رواية الوجه الثاني عن ابن الوكيل.

وعكس صاحب الكتاب -رحمه الله- الوجه الثالث في "الوسيط" وقال: تجوز الحوالة عليه؛ ولا تجوز به، ولا أخاله (١) ثبتاً.

الضرب الثاني: الثمن، فإذا باع بدراهم أو دنانير في الذمة، ففي الاستبدال عنها قولان:

القديم: أنه لا يجوز، لمطلق النهي عن بيع ما لم يقبض، وأيضاً فإنه عوض في معاوضة، فأشبه المسلم فيه.

والجديد: الجواز.

لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كُنْتُ أَبيعُ الإِبِلَ بالْبَقِيع بالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الْوَرِقَ، وَأَبِيعُ بالْوَرِقِ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأتَيْتُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ بِالْقِيَمَةِ".

ويروى أنه قال: "لاَ بَأْسَ إِذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ" (٢).

وعن القاضي أبي حامد وأبي الحسين -رحمهما الله-: القطع بالقول الثاني.

وإذا باع شيئاً بغير الدراهم والدَّنانير في الذمة، فجواز الاستبدال عنه يبنى على أنَّ الثَّمن ما ألصق به باء التَّثْمين أَوْ غيره.

إن قلنا: إنه هو، فيجوز الاسْتِبْدَال عنه كالنقدين، وادعى في "التهذيب": أنه المذهب. وإن لم نَقْل بذلك فلا يجوز، لأن ما ثبت في الذمة مثمناً لا يجوز أن يستبدل


(١) أي لا أظن أن هذا النقل ثابت عن الأصحاب.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٣٥٤، ٢٣٥٥) والترمذي (١٢٤٢) والنسائي ٧/ ٢٨١ وابن ماجه ٢٢٦٢ وابن حبان، ذكره الهيثمي في الموارد ١١٢٨ والحاكم ٢/ ٤٤ والبيهقي ٥/ ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>