للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم؟ فينكشف لهم أنهم حرموا أشياء كثيرة (١)، ولقبته بـ"العَزِيْزِ (٢) في شَرْح الوَجِيْزِ"، وهو عزيز على [المتخلفين] (٣) بمعنى، وعند المبرزين المنصفين بمعنى، وربما تلتبس (٤) على المبتدئين والمتبلدين أمور من الكتاب، فيطمعون في اشتمال هذا الشرح على ما يشفيهم، ولا يظفرون به فليعلموا [أن] (٥) السبب فيه أن تلك المواضع لا تستحق شرحاً يودع بطون الأوراق، والقصور في أفهامهم فدواؤهم الرجوع إلى من يوقفهم (٦) على ما يطلبون، والله وليُّ التيسير وهذا حين افتتح القول [فيه] (٧) مستعيناً بالله تعالى، [ومتوخياً] (٨) للاختصار ما استطعت، واللهُ حَسْبِي ونعم الوكيلُ.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قال الغزالي: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى نِعَمه السَّابِغَة، وَمنَنِه السَّائغَة، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيهِ بِمَعْرِفَةٍ يُسْتَحْقَرُ في ضِيَائِهَا نُورُ الشَّمْسِ الْبَازِغَةِ، وَبَصِيرَة تَنْخَنَسُ دُونَ بَهَائِهَا وَسَاوِسُ الشَّيَاطِينِ النَّازِغَةِ، وَهِدَايَة يَنْمَحَقُ في رُوَائِهَا أَبَاطِيلُ الخَيَالاَتِ الزَّائِغَةِ، وَطُمَأنِينَةٍ تَضمَحِلُّ في أَرْجَائِهَا تَخَاييلُ المَقَالاَتِ الفَارِغَةِ، وأُصلِّي عَلَى المُصْطَفَى مُحَمَّدٍ المَبعُوثِ بالاَيَاتِ الدَّامِغَةِ، المُؤَيَّدِ بالحُجَجِ البَالِغَةِ، وعَلَى آلِهِ الطَّيبِينَ، وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِينَ إرْغَاماً لِأُنوفِ المُبْتَدَعَةِ النَّابِغَةِ.

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي مُتْحِفُكَ أَيها السَّائِلُ المُتَلَطِّفُ، وَالحَريصُ المُتَشَوِّفُ بِهَذَا الوَجِيزِ الَّذِي اشْتَدّتْ إِلَيْه ضَرُورَتُكَ وَافْتِقَارُكَ، وَطَالَ فِي نَيْلِهِ اَنتِظَارُكَ، بَعْد أَنْ مَخَضْتُ لَكَ فِيهِ جُمْلَةَ الفِقْهِ فَاسْتَخْرَجْتُ زُبْدَتَهُ، وَتَصَفَّحْتُ تَفَاصِيلَ الشَّرْعِ فَاَنْتَقَيْتُ صَفْوَتَهُ وَعُمْدَتَهُ، وَأَوْجَزْتُ لَكَ المَذْهَبَ البَسِيطَ الطَّوِيلَ، وَخَفَّفْتُ عَنْ حِفْظِكَ ذَلِكَ العِبْءِ الثَّقِيلَ، وَأَدْمَجْتُ جَمِيعَ مَسَائِلِهِ بِأُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا بِاَلْفَاظٍ مُحَرَّرَةٍ لَطِيفَةٍ، في أَوْراقٍ مَعْدُودَةٍ خَفِيفَةٍ، وَعَبَّيْتُ فِيهَا الفُرُوعَ الشَّوَارِدَ، تَحْتَ مَعَاقِدِ القَوَاعِدِ، وَنَبَّهْتُ فِيهَا بِالرُّمُوزِ، عَلَى الكُنُوزِ، وَاكْتَفَيتُ عَنْ نَقْلِ المَذَاهِبِ وَالوُجُوهِ البَعِيدَةِ بِنَقْلِ الظَّاهِرِ مِنْ مَذْهَبِ الإِمَامِ الشَّافِعِيَّ المُطَّلِبيِّ رَحمَهُ اللهُ، ثُمَّ عَرَّفْتُكَ مَذْهَبَ مَالِكِ وَأَبِي حَنُيفَةَ والمُزَنِيِّ وَالوُجُوهَ البَعِيدَةَ لِلأَصْحَابِ بِالعَلاَمَاتِ،


(١) في ط (شيئًا كثيرًا).
(٢) في أ: بالعزيز.
(٣) في ز (المختلفين).
(٤) في أ: يلتبس.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ط (يطلعهم).
(٧) سقط في أ.
(٨) في ز (مستوجبًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>