وإن قلنا بالثاني انفسخ العقد، وإذا قلنا على السيد أَلْف آخر فهل يتصرف العبد فيه بالإذن السابق أم لا بد من إذن جديد؟
فيه وجهان وهما كالوجهين، في أنه إذا أخرج ألْفاً آخر في صورة القِرَاض فرأس المال ألْف أو ألفان.
إن قلنا: ألف فلا بد من إذن جديد. وإن قلنا: ألفان كفى الإذن السابق قال الإمام: والألف الجديد، إنما يطالب به البائع دون العبد، ولا شك أن العبد لا يمد يده إلى ألف من مال السيد، وأنه لا يتصرف فيما تسلّمه البائع، وإنما تظهر فائدة الخِلاَف فيما إذا ارتفع العَقْد بسبب من الأسباب ورجع الألف (١)، والله أعلم.
قال الرَّافِعِيُّ: الأمر الثّالث أن ديون التجارة من أين تؤدى، ولا شك أن دُيُون معاملات المأذون مُؤَدّاة مِمَّا في يده من مال التِّجارة، سواء فيه الأرباح الحاصلة بتجاراته ورأس المال، وهل يؤدّي من اكتسابه بغير طريق التجارة كالاصطياد، والاحتطاب؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، كسائر أموال السيد.
وأصحهما: نعم، كما يتعلق به المهر، وثبوت النِّكَاح، ثم ما فضل من ذلك يكون في ذمته إلى أن يعتق، وهل يتعلّق بما يكتسبه بعد الحجر؟ فيه وجهان:
قال في التهذيب: أصحهما: أنها لا تتعلق به ولا تتعلق برقبته ولا بِذِمّة السيد.
أما أنها لا تتعلّق برقبته، فلأنه دَين لزمه بِرِضاء من له الدَّين فوجب أنْ لا يتعلق برقبته، كما لو استقرض بغير إذن السَّيد، وخالفنا أبو حنيفة فيه.
وأما أنه لا يتعلّق بذمة السيد، فلأن ما لزمه بمُعَاوَضَة مقصودة بإذنه وجب أن تكون متعلقة بكسب العبد، كالنَّفقة في النكاح، ولو كان للمأذونة أولاد لم تتعلّق الديون بهم، خلافاً لأبي حنيفة في الَّذين ولدوا بعد الإذن في التجارة، ولو أتلف السيد ما في يد المأذون من أموال التِّجَارة فعليه ما أتلف بقدر الدَّين، ولو أنه قتل المأذون وليس في يده مال لم يلزم قضاء الدَّين.
(١) قال صاحب "التهذيب": لو اشترى المأذون شيئاً بعرض فتلف الشيء ثم خرج العرض مستحقاً فالقيمة في كسبه أم على السيد؟ وجهان. ينظر الروضة ٣/ ٢٢٧.