للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر ذلك؛ لأنه مأخوذ من نَصِّه في الصَّدَاق، يجوز إعلام قوله، وقيل في الموضعين بالواو للطريق القاطعة بأن البداية بالبائع. وقوله: (فالبداءة بالبائع) مُعَلّم بالحاء. وقوله: (يبدأ بالمشتري) بالألف. قوله: (يتساويان) بهما. وقوله: (فيتقدم بالقُرعة أو برأي القاضي) ليس لِلتَّخْيير، وإنما أراد به الوجهين اللَّذَيْن قدمناهما.

وقوله: (ويقدم النَّفي) في المَسْألة الثانية معلّم بالواو.

وقوله: (بل يحلف البائع على النفي) إلى آخره مفرع على أن البداية بالبائع.

قال الغزالي: أَمَّا حُكْمُ التَّحَالُفِ فَهُوَ إِنْشَاءُ الفَسْخِ إِذَا اسْتَمَرَّا عَلَى النِّزَاعِ، وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرّجٌ أنَّهُ يَنْفَسِخُ، ثُمَّ القَاضِي يَفْسَخُ، أَوْ مَنْ (و) أَرَادَ مِنَ المُتَعَاقِدَيْنِ فِيهِ وَجْهَانِ.

قال الرَّافِعِيُّ: الفصل الثالث في حكم التَّحالف وثمرته إذا تحالف المتعاقدان، ففي العقد وجهان:

أحدهما: أنه يَنْفسخ كما يَنْفَسخ النِّكَاح بتحالف المُتَلاَعنين؛ ولأن التَّحَالف يحقق ما قالاه، ولو قال البائع: بعت بألف، فقال المشتري: اشتريت بخمسمائة لم ينعقد، فكذلك هاهنا.

وأصحهما وهو المنصوص: أنه لا ينفسخ؛ لأن البَينة أقوى من اليمين، ولو أقام كل واحد منهما بينة على ما يقوله لا ينفسخ العقد، فباليمين أَوْلى أن لا ينفسخ.

التفريع: إنْ قُلْنَا بالأول فلو تصادقا على أخذ الثمن لم يعد نافذاً، بل لا بد من تجديد عَقْدٍ، وهل يَنْفَسخ في الحال أو نتبين ارتفاعه من أصله؟ فيه وجهان:

أظهرهما: أولهما لنفوذ تَصَرُّفَات المُشْتري قبل الاختلاف.

ويحكى الثَّاني عن أبي بكر الفارسي.

وإن قلنا بالأصح، فالحُكْم يدعوهما بعد التَّحَالف إلى المُوَافَقَة، فينظر هل يعطى المشتري ما يقوله البائع من الثمن؟ فإنْ فعل أجبر البائع عليه وإلاَّ نظر هل يَقنع البائع بما يقوله المشتري؟ فإنْ فعل فذاك وإلاَّ فيحينئذٍ يحتاج إلى فسخ العقد، وَمَنِ الذي يفسخه؟ فيها وجهان: أحدهما: الحاكم الفسخ بالعُنَّة، لأنه فسخ مجتهد فيه.

وأظهرهما: أن للمتعاقدين أيضاً أنْ يفسخا، ولأحدهما أن ينفرد به كالفسخ بالعيب. قال الإمام: وإذا قلنا: الحاكم هو الَّذِي يفسخ فذاك إذا استمرَّا على النّزاع ولم يفسخا أو التمسا الفسخ فأمَّا إذا أعرضنا عن الخُصُومة ولم يتوافقا على شيء ولا فسخا ففيه تردد، ثم إذا فسخ العَقْد ارتفع في الظَّاهر، وهل يرتفع في الباطن؟ فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: لا؛ لأن سبب الفَسْخ تعذُّر إمضائه لعدم الوقوف على الثمن، وإنه أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>