للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان له وقتاً جاز بخلاف ما إذا قال: إلى وقت الحصاد، إذ ليس له وقت مُعَيّنْ.

ولو قال إلى الصَّيف أو إلى الشتاء لم يجز، إلاَّ أن يريد الوقت، ويجوز إعلام قوله في الكتاب: (وما يختلف وقته) بالواو؛ لأن القاضي أبا القاسم ابن كَجٍّ ذكر أن ابن خُزَيْمَةَ يجوز التَّأْقِيت بالميسرة.

لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيِّ شَيْئاً إِلَى الْمَيْسَرَةِ" (١).

الثانية: التَّأْقِيت بشهور الفُرْس والرُّوم جائز كالتَّأَقِيتِ بشهور العَرَب؛ لأنها معلومة (٢) مضبوطة، وكذا التَّأْقِيت بالنَّيْرُوز (٣) والمِهْرَجَان (٤)؛ لأنهما يومان معلومان كالعِيد وعرفة وعاشوراء.

وفي "النهاية" نقل وجه: أنه لا يجوز التأقيت بهما، ووجهه الإمام بأن النَّيْرُوزَ والمِهْرَجَانَ يطلقان على الوقتين الذين تنتهي الشَّمْس فيهما إلى أوائل بُرْجَي الحَمَل والمِيْزَان، وقد يَتَّفق ذلك لَيْلاً ثم ينجس مَسِيْرُ الشَّمْس كل سنة بمقدار رُبْع يوم وليلة، ولو وقتا بفُصْح النَّصَارى، نص الشافعي -رضي الله عنه- على أنه لا يجوز، فأخذ بعض الأصحاب بإطلاقه اجتناباً عن التأقيت بمواقيت الكفار، وعامتهم فَصَلُوا فقالوا: إِنِ اختص بمعرفة وقته الكفار فالجواب ما ذكره، لأنه لا اعتماد على قولهم، وإن عرفه المسلمون أيضاً جاز كالنَّيْرُوز والمِهْرَجَان، ثم اعتبر معتبرون فيهما جميعاً معرفة المُتَعَاقدين، والأكثرون اكتفوا بمعرفة الناس، وسواء اعتبر معرفتهما أم لا، فلو عرفا كفى، وفيه وجه: أنه لا بد من معرفة عدلين من المُسْلِمِين سواهما؛ لأنهما قد يختلفان، فلا بد من مَرْجِع، وفي معنى الفُصْحِ (٥) سائر أعياد أهل المِلَل، كفِطْر اليَهُود ونحوه.


(١) أخرجه الترمذي ١٢١٣، والنسائي ٧/ ٢٩٤، والحاكم ٢/ ٢٣، وقال: صحيح على شرط البخاري.
(٢) فالأشهر العربية واضحة شهر منها ثلاثون يوماً وشهر تسع وعشرون يوماً إلا ذا الحجة فإنها تسع وعشرون وخمس وسدس، فالسنة العربية ثلاثمائة وأربع وخمسون يوماً وخمس وسدس يوم، وأما شهور الفرس وهم فارس فعدة كل شهر منها ثلاثون يوماً إلا الأخير فعدته خمسة وثلاثون، فتكون سنتهم ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً. وأما شهور الروم فالثاني والسابع والتاسع والثاني عشر كل منها ثلاثون يوماً والخامس ثمانية وعشرون وربع يوم والسبعة الباقية أحد وثلاثون فتكون سنتهم ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً وربع يوم فإذا صار الربع أكثر من نصف يوم زيد في الخامس يوم، فتصير أيامه تسعة وعشرين وأيام تلك السنة ثلاثمائة وستة وستون، والشهور السريانية كالرومية إلا في التسمية.
(٣) وهو نزل الشمس ببرج الميزان كما سيأتي في كلام المصنف.
(٤) وهو بكسر الميم وقت نزولها يرجح الحمل كما سيأتي في كلام المصنف.
(٥) قال النووي: الفصح بكسر الفاء وإسكان الصاد والحاء المهملتين، وهو عيد لهم معروف، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>