للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وآخر نجس وهو عطشان يشرب النَّجس، ويتوضّأ بالطاهر (١) وإذا أمر بشرب النّجس ليتوضأ بالطاهر فأولى أن يؤمر بالوضوء وشرب المستعمل، وهل يفترق الحال بين أن تكون هذه الحالة (٢) ناجزة، أو متوقعة في المآل؟.

أما في عطش نفسه فلا فرق، بل توقعه مآلاً لإعواز غير ذلك الماء طاهراً لحصوله حالاً. وأما في عطش الرّفيق والبهيمة فقد أبدى فيه إمام الحرمين تردداً فيه، وتابعه عليه في "الوسيط"، والظاهر الذي اتفق عليه المعظم بأنه يتزود لرفيقه ويتيمم، كما يفعل ذلك لنفسه، إذ لا فرق بين الزّوجين في الحرمة.

الثانية: قال الشافعي -رضي الله عنه-: "إذا مات رجل له ماء وَرِفاقه يخافون العطش شربوه، ويمَّمُوه وأدوا ثمنه في ميراثه، وإنما جاز لهم شربه وإن كان فيه تفويت غسل الميت عليه، لأنهم يخافون على مَهْجِهِم، وليس للشرب بدل، وللطّهارة بدل وهو التَّيمم وأما قوله: "وأدّوا ثمنه في ميراثه" فقد تكلموا في المراد بالثَّمَن، منهم من قال: أراد بالثَّمَنِ المِثْلَ؛ لأن الماء مثل، والمثليات تُضْمَنُ بالمثل دون القيمة، ومنهم من قال: أراد به القيمة، وإنما وجبت القيمة هاهنا؛ لأن المسألة مفروضة فيما إذا كانوا في مَفَازَةٍ عند الشرب، ثم رجعوا إلى بلدهم (٣)، ولا قيمة للماء بها، فلو أدوا الماء (٤) لكان ذلك إحباطاً لحقوق الوَرَثَةِ، فيغرمون قيمة يوم الإتلاف في موضعه: وهذا الثاني هو الذي ذكره في الكتاب، وينبغي أن يعلم لفظ الثمن. في قوله: "وغرموا للورثة الثمن" بالواو؛ لأنه أراد به القيمة، حيث علل فقال: "فإن المثل لاَ يَكُونُ له قيمة غالباً"، ولو أنه لم يعلل لما انتظم إعلامه بالواو؛ لأن من أوجب المثل جوز تسميته بالثمن أيضاً، ألا تراهم اختلفوا في مراد الشّافعي -رضي الله عنه- بلفظ الثمن.

الثالثة: إذا أوصى بمائة لأولى الناس به، أو لكل (٥) رجلاً يصرف ماءه إلى أولى الناس به، وحضر محتاجون إلى ذلك الماء كالجُنُب والحائض والميت ومن على بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فمن يقدم منهم؟ أعلم أن الميت ومن علىَ بدنه نجاسة أولى من غيرهما. أما الميت فلمعنيين.


(١) قال النووي: ذكر الشاشي كلام الماوردي هذا ثم أنكره واختار أنه يشرب الطاهر ويتيمم، وهذا هو الصحيح، وهذا الخلاف فيما بعد دخول الوقت، أما قبله فيشرب الطاهر بلا خلاف، صرح به الماوردي وغيره، قال المتولي: ولولا كان يرجو وجود الماء في غد، ولا يتحققه، فهل له التزود؟ وجهان الأصح: جوازه -والله أعلم- الروضة (١/ ٢١٤).
(٢) في ب: الحالة.
(٣) في ب: بلدانهم.
(٤) في ب: فلو ردوا قبل الماء.
(٥) قرب: أو وكّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>