للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه إدراج حجة الإسلام رحمه الله تعالى كلام الكتاب في الأبواب الأربعة. أن الرَّهن إمَّا صحيح أو فاسد، والصحيح منها إما جائز، أو لازم وكيفما كان فقد يتفق المتعاقدان على كيفية العقد البخاري بينهما، وقد يتنازعان فيه.

فالباب الأول: فيما يعتبر في صحته.

والثاني: في الرهن الجائز وأحكامه.

والثالث: في اللازم وأحكامه.

والرابع: في التنازع.

وقد عد أركان الرهن أربعة: الراهن، والمرهون به، والصيغة، والعاقد.

ولو جمع بين المرهون والمرهون به، وجعل ما يتعلق بالعقد ركناً كما فعل في البيع، وكما جعل من يصدر منه العقد ركناً لجاز، ولو فصل الثمن عن البيع كما فعل هاهنا لجاز، ومثل هذا يرجع إلى مجرد رَسم وترتيب، والمقصود لا يختلف. الأول: المرهون وله شروط:

أحدهما: أن يكون عيناً، أما الدَّيْن ففي جواز رهنه وجهان:

أحدهما: الجواز تنزيلاً لما في الذمم منزلة الأعيان، ألا ترى أنه يجوز شراء ما في الذمة وبيعه سلماً؟

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب المنع؛ لأن الدَّيْن غير مقدور على تسليمه، ومنهم من رتب هذا الخلاف على الخلاف في بيع الدَّيْن، والرهن أولى بالمنع، لأنه لا يلزم إلاَّ بالقبض والقبض لا يصادق ما تناوله العَقْد، ولا مستحقّاً بالعقد، والقبض في البيع يصادف مستحقاً بالعقد؛ لأن البيع سبب الاسْتحقاق، ولا يشترط كون المرهون مفروزاً؛ بل يصح المرهون الشائع، سواء رهن من شريكه أو غيره، وسواء كان ذلك مما يقبل القسمة أو لا يقبلها (١)، وبه قال مالك وأحمد رحمهما الله تعالى وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يجوز رهنه من غير الشريك، وفي رهنه من الشريك روايتان.

لنا: إلحاق الرهن بالبيع والشائع بالمفروز، ولو رهن نصيبه من بيت معين من الدار المشتركة بإذن الشريك صح، وبغير إذنه وجهان عن ابن سُرَيج.

أصحهما: عند الإمام أنه يصحُ كما يصح بيعه (٢).


(١) قلت سواء كان الباقي من المشاع أم الراهن أم لغيره. ينظر روضة الطالبين ٣/ ٢٨٢.
(٢) قال النووي وممن وافق الإمام في تصحيح صحته، الغزالي في "البسيط"، وصاحب "التتمة" وغيرهما، أما طرد الخلاف في البيع فشاذ، فقد قطع الأصحاب بصحته، والله أعلم. ينظر روضة الطالبين ٣/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>