وإن قلنا: إنّ موجبه القَوَدُ، فإن قلنا: إن مطلق العَفْو لا يوجب المال، لم يجب شيء.
وإن قلنا: يوجبه فوجهان:
أحدهما: يجب لِحَقّ المرتهن.
وأصحهما: المنع؛ لأن القتل لم يوجبه، وإنما يجب بعفوه المطلق أو بعفوه على المال، وذلك نوع اكْتِسَاب منه وليس عليه الاكْتِسَاب للمرتهن، وإنْ لم يقبض في الحَال ولم يعف، ففي إِجْبَارِهِ على أحدهما طريقان:
أحدهما: يجبر ليكون المرتهن على ثبت من أمره.
والثَّاني: إن قلنا: موجب العمد أحد الأمرين أجبره.
وإن قلنا: موجبه القَوَدُ لم يجبر؛ لأنه يملك إسقاطه فتأخيره أولى بأن يملكه (١) وإن كانت الجناية خطأ أو عفا، ووجب المال فعفا عن المال، لم يصح عفوه لحق المرتهن، وفيه قول أنَّ العفو موقوف، ويؤخذ المال في الحال لحق المرتهن، فإن انفك الرَّهْن ردَّ إِلَى الجاني، وبان صحة العَفْو وإلاَّ بان بطلانه، ولو أراد الرَّاهن أنْ يصالح عن الأَرْش الواجب على جِنْس آخر لم يَجُز إلاَّ بإذن المرتهن، فإذا أذن صح وكان المأخوذ مرهوناً، هكذا نقلوه.
ولك أن تقول: قد مَرَّ أنه إذا أذن في البيع والدَّين مؤجل فباع، يرتفع الرَّهْن ولا يكون الثَّمن رهناً، وأنه إذا أذن بشرط أنْ يكون الثمن رهناً ففي كونه رهناً قولان، وقياسه أنْ يكون المصالح عليه كذلك؛ لأن الصُّلْح بيع.
ولو أَبْرأ المرتهن الجاني لم يصح؛ لأنه ليس بمالك، وهل يسقط حقه عن الوثيقة بهذا الإِبْرَاء؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم، ويخلص المأخوذ للراهن كما لو صرح بِإِسْقَاط حقّ الوثيقة.
وأصحهما: لا. لأنه لم يصح إبرازه، فلا يصح ما يتضمنه الإبراء، كما لو وهب المرهون من إنسان لم يصح، ولا يبطل الرَّهْن.
الفصل الثاني: في زوائد المرهون، وهي إما متصلة كَسِمَنِ العبد وكِبَرِ الشجرة والثّمرة، فتتبع الأصل في الرَّهْن أو منفصلة كالثمرة والولد واللَّبن والبَيْض والصُّوف، فلا يسري إليها الرَّهْن وبه قال أحمد، وعند أبي حنيفة يسري.
(١) قال النووي: ينبغي أن يقال: إن قلنا: إذا عفا على أن لا مال لا يصح. أجبر، وإلاَّ فلا. ينظر الروضة ٣/ ٣٤٠.