أن الغريم الثالث ظهر وقد ظهر لِلْمُفْلِسِ مالٌ قديم أو حادث بعد الحَجْرِ صرف منه إِلَى من ظهر بِقِسْطِ ما أخذه الأوّلاَنِ، فإن فضل شيء فهو مقسوم على الثلاثة بقسطه، هذا أكله إذا كان الغَرِيم الذي ظهر قديماً، فإن كان حادثاً بعد الحَجْرِ فلا يشارك الأولين في المَالِ القَدِيم، وإن ظهر مَالٌ قديمٌ وحدث مالٌ باحتطاب وغيره فالقديم للقدماء خاصة والحادث لِلْكُلِّ.
المسألة الثانية: لو خرج شيءٌ مما باعه المفلس قبل الحَجْر مستحقاً والثَّمن غير بَاقٍ فهو كدين ظهر والحكم مَا مَضى، وإن باع الحاكم مَالَه وظهر الاستحقاق بعد قبض الثمن وتلفه فرجوع المشتري في مَالِ المُفْلِسِ ولا يطالب الحاكم به.
ولو نَصَب الحَاكِم أميناً حتى باعه ففي كونه طريقاً وجهان كما ذكرنا في العَدْلِ الذي نصبه القاضي لبيع الرَّهْنِ (١)، ثم رجوع المشتري في مال المفلس وَرُجُوعِ الأمِين.
إن قلنا: إنه طريقٌ للضَّمَانِ وغرم كيف يكون؟ فيه قولان. عن: رواية الربيع وحرملة أنه يضارب مع الغرماء لأنه دين في ذِمَّة المُفْلِس كَسَائِرِ الدُّيُون.
والثاني: أنه يتقدم على سَائِرِ الغرماء؛ لأنا لو قلنا بالمضاربة لرغب النَّاس عن شراء مَالِ المُفْلِس، فكان التقديم من مَصَالِحِ الحَجْرِ كأجرة الكَيَّالِ ونحوها من المُؤَنِ، ونسب الأكثرون هذا القول إلى رواية المُزَنِي، لكن منقولة في "المختصر" يشعر بالقولين جميعاً، وذكر المَسْعُودِي أن القولين مأخوذَانِ منه.
والثاني: أرجح عند عَامَّة الأَصْحَابِ.
ويجوز أن يُعَلَّم قوله في الكتاب:(فيه خلاف) بالواو لأن الإمام حكى طريقة أخرى قاطعة بالتقديم، وأيضاً فإن العراقيين حكوا طريقة أخرى وهي تنزيل الروايتين على حالين كان الرجوع قبل قسمة المال بين الغرماء يقدم، وإن كان بعد القِسْمَة واستئناف الحَجْرِ بسبب مالٍ تَجَدَّدَ فهو أسوة الغرماء.