وما في معناه بنفسه، أو استأجر أجيراً ووفاه الأجرة قبل التفليس، أما إذا حصلها بأجير ولم يوفه أجرَتُه فسنذكر حُكْمَه في الفَصْل الذي يَلِي هذا الفَصْل إن شاء الله تعالى.
فرع: حكم صبغ الثَّوْبِ كما في البناء والغِرَاس، ولو قال المفلس والغرماء: نقلعه ونغرم نقصان الثوب، قال القاضي ابْنُ كِجٍّ: لهم ذلك.
وقوله في الكتاب عند ذكر الصّبغ:(وإن زاد فالمشتري شريك بذلك القَدْر الذي زاد) يجوز إعلامه بالواو؛ لأن محل القطع بالشركة ما إذا كان الصّبغ مما يمكن فيه التمييز والاستخلاص، أما إذا لم يمكن التمييز وصار مستهلكاً، فعن القاضي أَبِي حَامِدٍ وجه أنه ينزل منزلة القصارة والطَّحْن، حتى يكون للبائع تبعاً للثوب على أحد القولين.
قال الراَّفِعِيُّ: إذا اشترى ثوباً واستأجر قصاراً فقصره ولم يوفِهِ أجرته حتى أفلس.
فإن قلنا: القصارة أثرٌ فليس للأجير إلاَّ المُضَاربة بالأُجْرَة مع الغرماء، وللبائع الرُّجُوع في الثَّوْبِ المَقْصُورِ، ولا شَيْءَ عليه لما زاد، وعن صاحب "التلخيص" أن عليه أجرة القصارة، وكأنه استأجره وغلطه الأصحاب فيه.
وإن قلنا: إنها عين نظر إن لم تزد قيمته مقصوراً على ما كان قبل القصارة فهو فاقد عَيْنِ مَالِهِ، وإن زادت فلكل واحد من البَائِع والأجير الرجوع إلى عَيْنِ مَالِه، فإن كانت قيمة الثَّوب عشرة، والأجرة درهماً، والثوب المقصور يساوي خمسة عشر، رجعا وبيع بخمسة عشر، وصرف منها عشرة إلى البائع، ودرهم إلى الأجير، والباقي للغُرَمَاء.
ولو كانت الأجرة خَمْسة دراهِم، والثوب بعد القصارة يساوي أحد عَشَر، فإن فسخ الأجير الإجارة فعشرة للبائع، ودرهم للأجير، ويضارب مع الغرماء بأربعة، وإن لم يفسخ فعشرة للبائع، ودِرْهم للمُفْلِس، ويضارب مع الغرماء بخمسة.
ولا يخفى من نظم الكتاب أن الجواب في الصورتين مقصور على قَوْلِ العين، وأنهما معطوفتان على قوله من قبل، فعلى هذا للأجير حق الحبس، ولو تلف الثوب في يد القصار سقطت أجرتُه.