للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الرَّافِعِيُّ: هذه البقية لبيان من يلي أَمْرِ الصبي، وفي معناه المَجْنُون، وأنه كيف يتصرف؟

أما الذي يليه فهو الأب ثُمَّ الجُدُّ، كما في ولاية النِّكاح، فإن لم يكونا فالوصي المنصوب من جهتهما، فإن لم يكن فالولاية لِلْقَاضِي، أو من يُنَصِّبُهُ القاضِي (١).

وظاهر المذهب: أن لا ولاية لْلأُم، كما ليس لها ولاية النِّكَاحِ، وعن أبي سعيد الإصْطَخْرِي -رحمه الله- أن لها ولاية المَالِ بعد الأبِ والجَدِّ، وتقدم على وصيهما لزيادة شفقتها.

وأما كيفية التَّصَرُّفِ، فالقول الجملي فيه اعتبار الغِبْطَة، وكون التَّصَرُّفِ على وجه النَّظَرِ والمَصْلَحَةِ، وفي الفصل صور.

منها: يجوز للولي أن يَشْتَرِي لَهُ العقار، بل هو أولى من التِّجَارَةِ لمّا فيها من الأَخْطَارِ، وانحطاط الأَسْعَارِ، فإن لم يكن فيه مصلحة لنقل الخراج، أو جَوْرِ السّلطان، أو إشراف المَوْضِع على البَوَارِ لم يجز، ويجوز أن يبني له الدورَ والمساكِنَ، ويبنى بالآجر (٢) أو الطين؛ لأنّ الأجر يبقى في العمارة، والطين قليل المؤنة والجص، ولا يبنى باللبن والطين لِقلَّةِ بَقَائِهِ، وذكر القاضي الرّويَانِي -رحمه الله- أن كثيرًا من الأصحاب -رحمهم الله- جوزوا البناء له على عادة البلد كيف كانت، قال: وهو الاختيار (٣)، ولا يبيع عقاره إلا لِلْحَاجَة، مثل أن لا يكون له ما يصرفه إلى نفقته وكسوته


(١) قال النووي: وهل بحتاج الحاكم إلى ثبوت عدالة الأب والجد لثبوت ولايتهما؟ وجهان حكاهما القاضي أبو الطيب، والشاشي، وآخرون، وينبني أن يكون الراجح الاكتفاء بالعدالة الظاهرة. ينظر الروضة ٣/ ٤٢١.
(٢) لأن اللبن قليل البقاء وينكسر عند الاحتياج إلى النقض والآجر بخلافه والجص وهو المسمى بالجبس كثير المؤنة ولا تبقى منفعته عند النقض بل يلتصق بالطوب فيفسدها والطين بخلاف ذلك كله فتعين الطين والآجر. تنبيه: عبر الرافعي هنا بقوله "أو الجص" بأو لا بالواو وهو أحسن. فإنه يدل على الامتناع في اللبن سواء كان مع الطين أو الجص، وعلى الامتناع في الجص سواء كان مع اللبن أو الآجر فيستفيد بذلك ثلاث مسائل: منعهما مجتمعين، ومنع اللبن مع الطين، ومنع الآجر مع الجص. والتعبير بالواو لا يفيد إلا منع الاجتماع فإما أن يقتصر على قوله بالطين والآجر ليفيدا المنع في ما عداه بالمفهوم أو يأتي بأو. فائدة: الآجر فارسي وهو معروف وفيه ست لغات حكاها النوويّ في التحرير، أفصحها بضم الجيم وتشديد الراء والثانية كذلك لكن الراء مخففة والثالثة: أجور بالمد. الرابعة: ياجور والخامسة: أجرون السادسة: كذلك لكن بالمد وفتح الجيم، واللبن هو الطوب الذي لم يحرق، والجص بفتح الجيم وكسرها.
(٣) اشترط ابن الصباغ كونه بحد الفراغ مساويًا لما أنفق عليه. قال في الخادم: وهذا في زماننا في غاية الندور فهو في التحقيق منع من البناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>